الدكتور المجاهد أيمن الظواهري يحفظه الله
الولاء والبراء
4
3
2
1
الصفحة


3- النهي عن اتخاذهم بطانة والإدلاء إليهم بأسرار المسلمين

قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون آل عمران 118

قال القرطبي رحمه الله: "والبطانة مصدر يسمى به الواحد والجمع، وبطانة الرجل خاصته الذين يستبطنون أمره

نهى الله عز وجل المؤمنين بهذه الآية أن يتخذوا من الكفار واليهود وأهل الأهواء دخلاء وولجاء يفاوضونهم في الآراء، ويسندون إليهم أموالهم ويقال: كل من كان على خلاف مذهبك ودينك فلا ينبغي لك أن تحادثه قال الشاعر:

عن المرء لاتسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدى

وفي سنن أبي داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" وروي عن ابن مسعود أنه قال: "اعتبروا الناس بإخوانهم"

ثم بين تعالى المعنى الذي لأجله نهى عن المواصلة فقال: لا يألونكم خبالاً يقول: فساداً، يعني لا يتركون الجهد في فسادكم، يعني أنهم وإن لم يقاتلوكم في الظاهر فإنهم لايتركون الجهد في المكر والخديعة

قوله: ودوا ماعنتم مصدرية، أي ودوا عنتكم، أي ما يشق عليكم، والعنت المشقة" تفسير القرطبي ج4 ص178- 181

4- النهي عن تولية الكفار في المناصب الهامة

قال ابن تيمية رحمه الله: "فروى الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قلت لعمر رضي الله عنه: إن لي كاتبا نصرانياً قال: "مالك قاتلك الله، أما سمعت الله يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ألا اتخذت حنيفاً" قال: قلت يا أمير المؤمنين لي كتابته وله دينه، قال: "لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أعزهم إذ أذلهم الله، ولا أدنيهم إذ أقصاهم الله" اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية ج1 ص50

وقال القرطبي رحمه الله: "وعن عمر -رضي الله عنه- قال: "لا تستعملوا أهل الكتاب فإنهم يستحلون الرشا، واستعينوا على أموركم وعلى رعيتكم بالذين يخشون الله تعالى" وقيل لعمر رضي الله عنه: إن ههنا رجلا من نصارى الحيرة لا أحد أكتب منه ولا أخط بقلم، أفلا يكتب عنك؟ فقال: "لا آخذ بطانة من دون المؤمنين" فلا يجوز استكتاب أهل الذمة ولا غير ذلك من تصرفاتهم في البيع والشراء والاستنابة إليهم

قلت: وقد انقلبت الأحوال في هذه الأزمان باتخاذ أهل الكتاب كتبة وأمناء، وتسودوا بذلك عند الجهلة الأغبياء من الولاة والأمراء " تفسير القرطبي ج4 ص179

وقال ابن تيمية رحمه الله: "ولا يستعان بأهل الذمة في عمالة ولا كتابة لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها

وسئل أحمد في رواية أبي طالب: في مثل الخراج؟ فقال: لا يستعان بهم في شيء ومن تولى منهم ديواناً للمسلمين أينقض عهده؟ ومن ظهر منه أذى للمسلمين أو سعى في فساده لم يجز استعماله، وغيره أولى منه بكل حال، فإن أبا بكر الصديق رضي الله عنه عهد أن لا يستعمل من أهل الردة أحداً، وإن عاد إلى الإسلام لما يخاف من فساد ديانتهم" الفتاوى الكبرى، الاختيارات العلمية، كتاب الجهاد، ج4 ص607 وما بعدها

5- النهي عن تعظيم شعائر الكفار ورسومهم، والنهي عن موافقة الكفار والمرتدين على باطلهم وتزيين ذلك ومدحه

قال شيخ الاسلام رحمه الله: "فصل فى الولاية والعداوة

فإن المؤمنين أولياء الله، وبعضهم أولياء بعض، والكفار أعداء الله وأعداء المؤمنين، وقد أوجب الموالاة بين المؤمنين وبين أن ذلك من لوازم الإيمان، ونهى عن موالاة الكفار، وبين أن ذلك منتف فى حق المؤمنين وبين حال المنافقين فى موالاة الكافرين

وقال: إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم فى بعض الأمر والله يعلم إسرارهم، وتبين أن موالاة الكفار كانت سبب ارتدادهم على أدبارهم

ولهذا ذكر فى سورة المائدة أئمة المرتدين عقب النهى عن موالاة الكفار؛ قوله: ومن يتولهم منكم فإنه منهم، وقال: يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواهم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين لم يأتوك يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا، فذكر المنافقين والكفار المهادنين، وأخبر أنهم يسمعون لقوم آخرين لم يأتوك وهو استماع المنافقين والكفار المهادنين للكفار المعلنين الذين لم يهادنوا

كما أن فى المؤمنين من قد يكون سماعاً للمنافقين، كما قال: وفيكم سماعون لهم، وبعض الناس يظن أن المعنى سماعون لأجلهم بمنزلة الجاسوس أى يسمعون ما يقول وينقلونه اليهم

وإنما المعنى فيكم من يسمع لهم أى يستجيب لهم ويتبعهم، كما فى قوله سمع الله لمن حمده استجاب الله لمن حمده أى قبل منه، يقال فلان يسمع لفلان أى يستجيب له ويطيعه

فمن كان من الأمة موالياً للكفار من المشركين أو أهل الكتاب ببعض أنواع الموالاة ونحوها -مثل إتيانه أهل الباطل واتباعهم فى شئ من مقالهم وفعالهم الباطل- كان له من الذم والعقاب والنفاق بحسب ذلك

والله تعالى يحب تمييز الخبيث من الطيب والحق من الباطل، فيعرف أن هؤلاء الأصناف منافقون أو فيهم نفاق، وإن كانوا مع المسلمين، فإن كون الرجل مسلماً فى الظاهر لا يمنع أن يكون منافقاً فى الباطن

فإن المنافقين كلهم مسلمون فى الظاهر، والقرآن قد بين صفاتهم وأحكامهم، واذا كانوا موجودين على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وفى عزة الاسلام مع ظهور أعلام النبوة ونور الرسالة، فهم مع بعدهم عنهما أشد وجوداً، لاسيما وسبب النفاق هو سبب الكفر وهو المعارض لما جاءت به الرسل " مجموع الفتاوى ج28 ص190- 202

6- النهي عن إعانتهم على المسلمين

قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين المائدة 51- 53 قال الطبري رحمه الله في سبب النزول: "والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله -تعالى ذكره- نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاءً على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان" تفسير الطبري ج6 ص276

قال ابن تيمية -رحمه الله- عن التتار: "وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام

وإذ كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين" الفتاوى الكبرى ج4 ص332 وما بعدها

قال ابن حزم رحمه الله: "وقد علمنا أن من خرج عن دار الإسلام إلى دار الحرب فقد أبق عن الله تعالى وعن إمام المسلمين وجماعتهم، ويبين هذا حديثه -صلى الله عليه وسلم- أنه: "بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، وهو عليه السلام لا يبرأ إلا من كافر قال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض التوبة 71

قال أبو محمد رحمه الله: فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد، له أحكام المرتد كلها من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يبرأ من مسلم

وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والصين والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر أو لقلة مال أو لضعف جسم أو لامتناع طريق فهو معذور، فإن كان هناك محارباً للمسلمين معيناً للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر

ولو أن كافراً مجاهداً غلب على دار من دور الإسلام، وأقر المسلمين بها على حالهم، إلا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير دين الإسلام لكفربالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه وإن ادعى أنه مسلم لما ذكرنا" المحلى ج11 ص199،200 وقوله: "كافراً مجاهداً" لعله تصحيف صوابه "كافراً مجاهراً" والله أعلم

فماذا يقول الطبري و ابن حزم وابن تيمية –رحمهم الله- لو شاهدا الطائرات والجيوش الأمريكية وحلفاءها التي تنطلق من دول الخليج لتضرب المسلمين في العراق؟ وماذا يقولان لو شاهدا الطائرات الأمريكية التي تقلع من باكستان لتقتل المسلمين في أفغانستان؟ وماذا يقولون لو شاهدوا السفن والطائرات الأمريكية والغربية وهي تتزود بالوقود والمؤن والذخائر من دول الخليج واليمن ومصر في طريقها لحصار العراق واحتلال جزيرة العرب وحماية أمن إسرائيل؟

وماذا يقولون لو شاهدوا البيوت تهدم على رؤوس سكانها من مسلمي فلسطين بسلاح الأمريكان أصدقاء حكامنا، وماذا يقولون لو شاهدوا الطائرات الأمريكية تقصف المجاهدين بالصواريخ في اليمن متواطئة مع حكومتها؟

7- الأمر بجهادهم وكشف باطلهم وعدم مودتهم والبعد عنهم

لم ينهنا المولى –سبحانه- عن موالاة الكفار فقط، بل أمرنا أيضاً بجهاد الكفار الأصليين والمرتدين والمنافقين:

أ- جهاد الكفار الأصليين وتعينه إذا استولوا على بلاد الإسلام

قال ابن تيمية رحمه الله: " وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا" وقال أيضاً: "وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده" الفتاوى الكبرى، الاختيارات العلمية، كتاب الجهاد، ج4 ص607 وما بعدها

فتأمل هذا القول القوي الشديد من العالم المجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في استدلاله بالإجماع على جهاد الكفار الغزاة لديار الإسلام، وتأمل تأكيده على أنه ليس بعد الإيمان أوجب من دفعهم، وأن هذا مما اتفق عليه علماء الأمة رحمهم الله جميعاً، ثم قارن هذا الكلام بكلام علماء السلاطين ودعاة القعود الذين يجتهدون في صرف المسلمين عن الجهاد بكل حيلة، حتى يأمن الكفار الغزاة في غزوهم لبلادنا، ويتم لهم ما يريدون في يسر وراحة واطمئنان

ب- جهاد المرتدين الحاكمين لبلاد الإسلام

من أعظم صور الجهاد العيني في هذا الزمان جهاد الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة الإسلام الموالين لليهود والنصارى، وهذا الأمر مما اتفق عليه العلماء رحمهم الله، واستفاضت فيه أقوالهم، ونحن هنا نكتفي بإيراد بعضها

قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء 65

قال الشافعي رحمه الله: "باب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وقال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله، وقال تعالى: ومن يطع الرسول فقد أطاع الله، وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً

فأكد -جل وعلا- بهذه الآيات وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبان أن طاعته إطاعة الله، وأفاد بذلك أن معصيته معصية الله، وقال الله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، فأوعد على مخالفة أمر الرسول، وجعل مخالف أمر الرسول والممتنع من تسليم ما جاء به والشاك فيه خارجاً من الإيمان بقوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً

قيل في الحرج ههنا: إنه الشك روي ذلك عن مجاهد، وأصل الحرج الضيق، وجائز أن يكون المراد التسليم من غير شك في وجوب تسليمه ولا ضيق صدر به، بل بانشراح صدر وبصيرة ويقين

وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئاً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو خارج من الإسلام، سواء رده من جهة الشك فيه، أو من جهة ترك القبول والإمتناع من التسليم

وذلك يوجب صحة ما ذهب إليه الصحابة في حكمهم بارتداد من امتنع من أداء الزكاة وقتلهم وسبي ذراريهم لأن الله تعالى حكم بأن من لم يسلم للنبي -صلى الله عليه وسلم- قضاءه وحكمه فليس من أهل الإيمان " أحكام القرآن للشافعي رحمه الله ج 3 ص 180،181

وقال الله تعالى: أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يؤمنون المائدة 50 قال ابن كثير رحمه الله: "ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله المحكم، المشتمل على كل خير، الناهي عن كل شر، وعدل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات بما يضعونها بآرائهم وأهوائهم، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكز خان الذي وضع لهم الياسق، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظرة وهواه، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً، يقدمونها على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن فعل ذلك فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير " تفسير ابن كثير ج 2 ص 68

ج- جهاد المنافقين الذين يروجون للشبهات

أمر الله -سبحانه- نبيه –صلى الله عليه وسلم- بجهاد المنافقين بالغلظة والشدة وإظهار الحجة وإقامة الحدود

قال الله تعالى: يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم التحريم 9 قال القرطبي رحمه الله: "فيه مسألة واحدة وهو التشديد في دين الله، فأمره أن يجاهد الكفار بالسيف والمواعظ الحسنة والدعاء إلى الله، والمنافقين بالغلظة وإقامة الحجة، وأن يعرفهم أحوالهم في الآخرة وأنهم لا نور لهم يجوزون به الصراط مع المؤمنين وقال الحسن: أي جاهدهم بإقامة الحدود عليهم" تفسير القرطبي ج18 ص201

8- الأعذار التي لا يقبلها الشرع ممن يوالون الكفار

لم يقبل المولى سبحانه من المنافقين أعذارهم، بأنهم يتولون الكافرين وينصرونهم خوفاً من دوائر الزمان وتغير الدول، فربما انتصر الكفار على المسلمين، فتكون للمنافقين عند الكفار يد، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين المائدة 51- 53 قال ابن كثير رحمه الله: "فترى الذين في قلوبهم مرض أي شك وريب ونفاق يسارعون فيهم أي يبادرون إلى موالاتهم ومودتهم في الباطن والظاهر يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة أي يتأولون في مودتهم وموالاتهم أنهم يخشون أن يقع أمر من ظفر الكافرين بالمسلمين، فتكون لهم أياد عند اليهود والنصارى" تفسير ابن كثير ج2 ص71

9- الأمر بموالاة المؤمنين ومناصرتهم

بعد أن بينا ما نهانا الله –سبحانه وتعالى- عنه من موالاة الكافرين نوجز ما أمرنا الله به من موالاة المؤمنين قال الله تعالى: إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا ما لكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر إلا على قوم بينكم وبينهم ميثاق والله بما تعملون بصير، والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير، والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آوو ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم، والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم سورة الأنفال72- 75 قال القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: وإن استنصروكم في الدين يريد إن دعوا هؤلاء المؤمنون الذين لم يهاجروا من أرض الحرب عونكم بنفير أو مال لاستنقاذهم فأعينوهم، فذلك فرض عليكم فلا تخذلوهم، إلا أن يستنصروكم على قوم كفار بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم عليهم ولا تنقضوا العهد حتى تتم مدته

قال ابن العربي: إلا أن يكونوا أسراء مستضعفين فإن الولاية معهم قائمة، والنصرة لهم واجبة حتى لا تبقى منا عين تطرف، حتى نخرج إلى استنقاذهم إن كان عددنا يحتمل ذلك، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم حتى لا يبقى لأحد درهم كذلك قال مالك وجميع العلماء فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما حل بالخلق في تركهم إخوانهم في أسر العدو، وبأيديهم خزائن الأموال وفضول الأحوال والقدرة والعدد والقوة والجلد" تفسير القرطبي ج8 ص57

وقال ابن كثير رحمه الله: "ذكر تعالى أصناف المؤمنين، وقسمهم إلى مهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم، وجاءوا لنصر الله ورسوله وإقامة دينه، وبذلوا أموالهم وأنفسهم في ذلك، وإلى أنصار وهم المسلمون من أهل المدينة إذ ذاك، آووا إخوانهم المهاجرين في منازلهم، وواسوهم في أموالهم، ونصروا الله ورسوله بالقتال معهم، فهؤلاء بعضهم أولياء بعض، أي كل منهم أحق بالآخر من كل أحد، ولهذا آخى رسول -الله صلى الله عليه وسلم- بين المهاجرين والأنصار كل اثنين إخوان

وقوله تعالى: والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيءحتى يهاجروا هذا هو الصنف الثالث من المؤمنين وهم الذين آمنوا ولم يهاجروا بل أقاموا في بواديهم فهؤلاء ليس لهم في المغانم نصيب ولا في خمسها إلا ماحضروا فيه القتال

يقول تعالى: وإن استنصروكم هؤلاء الأعراب الذين لم يهاجروا -في قتال ديني- على عدو لهم فانصروهم، فإنه واجب عليكم نصرهم، لأنهم إخوانكم في الدين إلا أن يستنصروكم على قوم من الكفار بينكم وبينهم ميثاق، أي مهادنة إلى مدة فلا تخفروا ذمتكم ولا تنقضوا أيمانكم مع الذين عاهدتم، وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنه تفسير ابن كثير ج2 ص329، 330

وقال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم سورة التوبة 71 قال ابن كثير رحمه الله: "لما ذكر تعالى صفات المنافقين الذميمة عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة، فقال: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض أي يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الصحيح خ481 م2585 "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه"، وفي الصحيح أيضاً خ6011 م2586 "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"" تفسير ابن كثير ج2 ص370

4
3
2
1
الصفحة

الدكتور المجاهد أيمن الظواهري
الدكتور المجاهد أيمن الظواهري
الشيخ المجاهد أسامة بن لادن
الشيخ المجاهد أسامة بن لادن
الدكتور المجاهد أيمن الظواهري
الدكتور المجاهد محفوظ ولد الوالد
الشيخ عبد العزيز الجربوع
3/4 الولاء والبراء عقيدة منقولة وواقع مفقود < الدكتور أيمن الظواهري < مطالعات < السحاب للإنتاج الإعلامي
إصدارات
السحاب للإنتاج الإعلامي 1424هـ
المواد المنشورة هنا تعبر عن ءاراء أصحابها ولنا الصواب مما ورد فيها