س20: أعلنتم الدعوة للجهاد ضد الصليبيين واليهود، وخاصة ضد الأمريكان في شهر شباط الماضي في الفتوى التي أصدرتموها، لكن هذا الإعلان بدأ وتزامن مع توجه عديد من الحركات الإسلامية التي مارست العمل المسلح إلى العودة عن هذا العمل المسلح، كما نسمع حالياً في مصر أو في الجزائر، وكما شاهدنا في الكثير من الدول العربية من حركات إسلامية بدأت تتجه للتعاطي مع البرلمانات وما يسمى باللعبة الديمقراطية. ألا ترون أنكم بالدعوة للجهاد في هذا الوقت أنكم تسيرون ضد التيار الذي تسير فيه الحركات الإسلامية الأخرى؟
ج20: الحمد لله. نعتقد أن الجهاد فرض عين اليوم على الأمة، ولكن ينبغي التفريق بين الحكم وبين القدرة على القيام به، ففي أي بلد تتوفر المقومات اللازمة من العدد والعدة كما يلزم لأركان الجهاد أن تقوم، فعند ذلك يجب على المسلمين في ذلك المكان أن يشرعوا للجهاد ضد الكفر الأكبر المستبين، ولكن في بعض البلدان قد يكون قد ظهر لبعض الناس أن المقومات قد اكتملت، وبعد فترة من الزمن أخذوا خبرة وتجربة وظهر لهم أن المقومات لم تكتمل، فعندئذ هم مأمورون في مثل هذه الحالة بالعفو والصفح، لكن هنا الشاهد.. من الذي يحدد هذه المقومات؟ هل هم الذين ركنوا إلى الدنيا؟ أم هم الذين لم يأخذوا بحظ من العلم الشرعي؟ وإذا ما تيسر لهم أيضاً أن يأخذوا بحظ من العلم العسكري، فالصواب في هذه المسألة أن الجهاد في وقتنا فرض عين قد يسقط أحياناً للعجز، لكن لا يسقط الإعداد الحقيقي من استكمال العدد والعدة. أما ما انتشر بين المسلمين اليوم من القول أن الجهاد ليس وقته الآن، فهذا كلام إذا لم يُقيد غير صحيح. كثير من طلبة العلم يقولون أن الجهاد ليس وقته الآن، وهذا في الحقيقة مغالطة شديدة إذا لم يُقيد، أما إذا قالوا أنه هو فرض عين اليوم ويجب علينا أن نسعى بكل ما أوتينا من قوة لاستكمال العدد والعدة والمقومات اللازمة، فالكلام هنا يستقيم، وشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في هذا الموقف يبين أن الذي يفتي في أمور الجهاد هو الذي له علم بالدين الشرعي وله علم بالجهاد وأحوال الجهاد، أن يكون مارس الجهاد، لكن لمّا غاب الجهاد عن الأمة زمناً طويلاً نشأ لدينا جيل من طلبة العلم لم يخوضوا معامع الجهاد، وتأثروا بالغزو الإعلامي الأمريكي الذي غزا بلاد المسلمين، فهو دون أن يخوض حرباً عسكرية قد أُصيب بهزيمة نفسية، ويقول لا أستطيع. صحيح أن الجهاد لازم لكن لا نستطيع، لكن الصواب أن الذين منّ الله سبحانه وتعالى عليهم بالجهاد كما حصل في أفغانستان أو في البوسنة أو الشيشان، ونحن منّ الله سبحانه وتعالى علينا بذلك، فنحن على يقين أن الأمة اليوم تستطيع بإذن الله سبحانه وتعالى أن تجاهد ضد أعداء الإسلام، وبخاصة ضد العدو الأكبر الخارجي التحالف الصليبي اليهودي. وأشير هنا إلى مسألة أن بعض الشباب -نرجو الله أن يحفظهم ويبارك فيهم- يتأثرون بقعود بعض الكبار ويظنون أن هؤلاء الكبار الذين يُشار إليهم بالبنان ما قعدوا إلا لأنهم يعلمون المصلحة، وعند التحقيق الأمر ليس كذلك قطعاً، وليس بالضرورة أن يكون تأخر الذي يُشار إليه بالبنان ناتج عن معرفته بالمصلحة، فعند تدبر كتاب الله سبحانه وتعالى نجد الخيار رضي الله عنهم وأرضاهم قد عاتبهم الله سبحانه وتعالى على التأخر، فإذا كان الخيار الأبرار الأطهار رضي الله عنهم أصابهم هذا الداء.. داء التأخر عن الجهاد، فكيف نزعم لخيارنا اليوم أنهم يتأخرون للمصلحة؟ فالله سبحانه وتعالى في سورة الأنفال قال مخاطباً نبيه صلى الله عليه وسلم وأهل بدر وهم خير الناس رضي الله عنهم {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقاً من المؤمنين لكارهون، يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يُساقون إلى الموت وهم ينظرون} هذا الوصف جاء على خيار الناس رضي الله عنهم أهل بدر، فمن الطبيعي أن يصيبنا نحن. هذا كعب بن مالك رضي الله عنه كما في الصحيحين البخاري ومسلم حديث طويل يقول: "يوم تبوك تخلفت وما كنت أيسر مني حالاً قط مني يومذاك، وما ملكت راحلتين إلا في تلك الغزوة، فقلت اليوم أتجهز ويمضي اليوم ولم يجهز من أمره شيئاً" ويقول: "نادى الرسول صلى الله عليه وسلم بالجهاد عندما أينعت الثمار وكنت إليها أصعر، أي: أميل وأميل إلى الثمار". فالإنسان بشر تتجاذبه أثقال الأرض، وهو من هو رضي الله عنه؟ من السابقين، بل أحد الذين عقدوا بيعة العقبة الكبرى المباركة التي منها انطلقت دولة الإسلام في المدينة المنورة، تأخر بغير عذر، ثم جاء في حديث الطويل أنهم كانوا ثلاثة، كما في كتاب الله {وعلى الثلاثة الذين خُلِفوا}. والروايات في السيرة أن الذين خرجوا إلى تبوك ثلاثون ألفاً، كم يعد ثلاثة من ثلاثين ألفاً؟ رقم لا يُذكر اليوم لو سألنا أي عسكري أو قائد في الجيش، قلنا لو تخلف ثلاثة من ثلاثين ألفاً، رقم لا يُذكر، لكن لعظيم الذنب أنزل الله سبحانه وتعالى من فوق سبع سماوات قرءاناً يتلى إلى يوم القيامة في حساب هؤلاء، فيقول كعب رضي الله عنه: " لما ضاقت عليّ الأرض بما رحبت، تسورت حائطاً لابن عمي أبي قتادة، وكان أحب الناس إلي، فقلت يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تعلم أني أحب الله ورسوله ".

أمر خطير جداً أراد أن يطمئن على أعظم ما يملك في الوجود حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم، وإلا لا معنى لوجودنا بغير حبهما، حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم، قال: " فلم يجبني " قال فناشدته الثانية، قال: " فلم يجبني " قال: فناشدته الثالثة، فلم يستطع أبو قتادة رضي الله عنه أن يُثبت له محبته لله والرسول، كيف يثبتها وهو قاعد مع الخوالف؟ وهذا دين الله قد جاءت الأخبار أن الروم يريدون أن يعتدوا عليه في تبوك، وهذا رسول الله خرج في الضح والحرور يريد نصرة الدين وأنت جالس عن نصرة الدين، كيف يثبت، فلم يثبت له محبته لله والرسول ولم ينفها عنه ولكن قال: " الله ورسوله أعلم " فيقول كعب: " فتوليت وفاضت عيناي " وحق له، أحب الناس إليه لم يستطع أن يثبت له هذا الأمر العظيم.
فالشاهد من قولنا أن هذا الجهاد اليوم متعين على الأمة، وقد يسقط للعجز، ولكن نحن نعتقد أن الذين خاضوا الجهاد في أفغانستان أكثر مما يتوجب عليهم؛ لأنهم علموا أن بإمكانيات ضعيفة، بعدد قليل من الـ R.B.G.. عدد قليل من ألغام الدبابات.. عدد قليل من الكلاشنات تحطمت أكبر أسطورة بشرية عرفتها البشرية، وتحطمت أكبر ءالة عسكرية، وزال من أذهاننا ما يُسمى بالدول العظمى، ونحن نعتقد أن أمريكا أضعف بكثير من روسيا، ومما بلغنا من أخبار إخواننا الذين جاهدوا في الصومال، وجدوا العجب العُجاب من ضعف الجندي الأمريكي ومن هزالة الجندي الأمريكي ومن جبن الجندي الأمريكي، ما قتل منهم إلا ثمانون فروا في ليل أظلم لا يلوون على شيء بعد ضجيج ملأ الدنيا عن النظام العالمي الجديد، هذا اعتقادنا، ما يسع الناس إذا اتقوا الله الذي يعلم أنه باستطاعته يجاهد، والذي يعلم أن الظرف الآن ما زال يحتاج إلى استكمال يعمل في استكمال المقومات.. والله أعلم.
س21: المبلغ الذي رصدته الإدارة الأمريكية للقبض عليكم، أو الإدلاء بمعلومات تفيد في القبض عليكم واعتقالكم وهو خمسة ملايين دولار، البعض يظن أن هذا المبلغ قد يكون مغرٍ لبعض أنصاركم ربما يدفعه أن يدلي بمعلومات حولكم أو يخونكم. ألا تخشون من خيانة من أي طرف؟
ج21: الحمد لله. يعني أنت أتيت وتدري ما عندنا. هؤلاء الشباب نرجو الله أن يتقبلهم ويقبل من قُتل منهم شهيداً طيلة هذا الجهاد المبارك، هم تركوا الدنيا وجاءوا إلى هذه الجبال وإلى هذه الأرض.. تركوا أهلهم.. تركوا ءاباءهم وأمهاتهم، وتركوا جامعاتهم، وجاءوا هنا تحت القصف وتحت متابعة كروز، وصواريخ الأمريكان وقد قُتل بعضهم كما علمتم من إخواننا، ستة من الإخوة العرب، وأحد إخواننا من الترك نرجو الله أن يتقبلهم جميعاً شهداء كان منهم: أخونا صديق من مصر، وأخونا حمدي من مصر، وثلاثة من إخواننا من اليمن، منهم أخونا بشير، كان مشهور باسم سراقة، وأخونا أبو جهاد أيضاً، وكذلك أخونا من المدينة المنورة زيد صلاح مطبقاني. فهؤلاء تركوا الدنيا وجاءوا للجهاد، فأمريكا لأنها تعبد المال تظن الناس هنا على هذه الشاكلة، والله ما غيرنا رجلاً من مكانه بعد هذه الدعايات لأننا لا نشك في إخواننا، نحسبهم على خير، نحسبهم كذلك والله حسيبهم.

س22: بالنسبة للعلاقة التي تربطكم بالحكومة الأفغانية أو حركة طالبان. ما هي طبيعة هذه الحركة؟ وهل أنتم تبعاً لها وجزءاً منها؟ أم أنكم تعملون باستقلالية ولكن في أرض أفغانية؟
ج22: حركة طالبان بارك الله سبحانه وتعالى في هذا التحرك، بعد مرور أربع عشرة سنة من بدء الجهاد الذي قام به المجاهدون السابقون، وكان للطلاب دور فيه، ووفقهم الله سبحانه وتعالى في تلك المرحلة في هزيمة الاتحاد السوفيتي. فالذين رفعوا رايات الجهاد في تلك المرحلة المبكرة قد فتح الله عليهم في هزيمة أكبر دولة في العالم، وأكبر دولة عسكرية، ولكن للأسف بعد ذلك لم يكملوا الطريق، ودخل بعض الخلاف، فدخلت فيها أمريكا وبعض الدول العربية ذات الصلة القوية بالعمالة لأمريكا، قاموا بعمل فتنة بين المجاهدين وحصل القتال الذي أسف له الجميع مما ضاعف وزاد من معاناة الشعب المسلم في أفغانستان. المؤسف هنا أن كثيراً من المحسنين أوقفوا دعمهم لأفغانستان بحجة الإقتتال الداخلي، وهذا في الحقيقة تصرف لم يحالفه الصواب؛ لأن الأرامل والأيتام الذي قتل أزواجهم وءاباءهم.. هؤلاء زادت عليهم المعاناة، وكان ينبغي على المحسنين من المسلمين أن يأتوا هنا لكفالة هؤلاء الأيتام وكفالة هؤلاء الأرامل، لكن الشيطان زين لهم أن يتركوا نصرة المسلمين.. الذين ذادوا عن الإسلام هنا، كما أنهم ذادوا عن العالم الإسلامي أجمع، وبخاصة عن دول الخليج، فالمتتبع على الخريطة يعلم أن أفغانستان لم تكن هدفاً لذاتها، وإنما هي كانت معبر للقوات الروسية السوفيتية بعد أن حققت مكاسب كبيرة في العالم في تلك المرحلة، ففكر الروس أن يعطوا الغرب الضربة القاضية، وأن يأخذوا مضيق هرمز ويحتلوا دول الخليج قاطبة ويستولوا على أكبر احتياطي بترولي في العالم، فمن هنا كان سر اندفاع بعض دول الخليج في دعم الجهاد الأفغاني ودفاعاً عن نفسها، فهم شركاء في هذه المعركة، فبعد أن انكسر الروس قلبوا لهم ظهر المجن، وبدأ إعلام هذه الدول –وللأسف الشديد- يُشنع على الجهاد وعلى المجاهدين، فضلاً عن تواطئ بعضهم في زرع الفتنة في داخل صفوف المجاهدين.
س23: من فضلكم أنتم موجودون في مناطق تابعة للحكومة الأفغانية أو حكومة طالبان. ما هي طبيعة العلاقة بينكم وبين هذه الحركة وبين الحكومة الأفغانية؟ هل أنتم تبعاً لها؟ أم أنتم تعملون باستقلالية في عملكم وتصرفاتكم ولكن ضمن الأرض الأفغانية؟
ج23: ذكرت أننا كنّا في حزن شديد أثناء الخلاف بين تلك الفصائل وبين أحزاب المجاهدين، لكن منّ الله سبحانه وتعالى على الأمة بحركة طالبان، فجاءت وأنقذت هذا الجهاد من المخطط الأمريكي الذي كان خلف نجيب، وكان يضغط على المجاهدين عبر باكستان في تشكيل حكومة علمانية، فيها خمسون بالمائة من الشيوعيين السابقين، وبعض الذين كانوا درسوا في الغرب، وبقيتهم من الأحزاب الأفغانية السبعة، فالحمد لله أن وفق بمجيء هذه الحركة، وجاءت في وقت قد بلغ السيل الزبى، وبلغ التعب في الناس مبلغاً، وكثر قُطَّاع الطرق للأسف الشديد،

واستطاع الأمريكان وحلفاؤهم أن يقسموا أفغانستان إلى خمس دويلات، وأنتم في باكستان لا شك أنكم تتابعون ذلك، فكان هناك دولة في المشرق التي ما يُسمى حوزة شرق: جلال ءاباد وننجرهار ولغمان وكُنر، وكان دولة ورئيس دولة يتزعمهم حاجي قدير، وفي الغرب دولة أخرى حوزة غرب الذي هو محمد إسماعيل خان، كان لديه ثلاث إلى أربع ولايات ما بين هيرات وفرح ونمروز، أيضاً حكومة مستقلة حقيقة عن أفغانستان، وفي الشمال الدولة التي دعمها الشيوعيون من قبل وهو دستم، وكان له هناك أيضاً بعض الولايات، وباستثناء الشمال، وفي الوسط كانت أيضاً حكومة لأحمد شاه مسعود ونجيب وسياف، ومن المستغرب أن المسلمين في كل مرة يضحك عليهم، فكيف يمكن أن يصدق أن حكومة تقوم في كابل في هذا الحي، وفيه نجيب الشيوعي الذي قتل من المسلمين أكثر من سبعين ألفاً، وبجواره أحمد شاه مسعود، وحكومة مشتركة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، ويوقع على ميزانيتها نجيب الشيوعي الرئيس السابق، ثم يقال لنا نحن لسنا شيوعيين ولسنا مع الشيوعية، فهي في الحقيقة كانت حكومة مشتركة بدعم من أطراف خارجية، ونجيب فيها، وفي الجنوب كانت دولة للطالبان، هي تمثل ولاية قندهار وزابل وهلمند، فكانت هناك خمس حكومات في هذه الدولة الصغيرة، فضلاً عن قُطَّاع الطرق الذين يعتبرون دويلات داخل الدويلات، فمن الله على المسلمين بمجيء حكومة طالبان، وكانت هناك ليست قوة دفع من الخارج كما يصورها الإعلام الغربي الصليبي، وإنما قوة سحب من الداخل، الناس ملت من قطاع الطرق، ومن أخذ الأتاوات والمكوس، فأي قبيلة لها طلبة علم لهم صلة بالطالبان فكانوا هم يذهبون يطلبون من الطلبة أن يأتوا إلى هذه الولاية وتلك، ولذلك نرى أن المهندس حكمتيار مكث أربع سنوات على حدود كابل وبدعم علني من باكستان حتى يتقدم أمتار لأخذ كابل لم يستطع، ومعلوم أن الحزب الإسلامي برئاسة حكمتيار هو أفضل الأحزاب الأفغانية من حيث القوة والترتيب والتنظيم والانتشار في داخل أفغانستان فلم يستطع أن يتقدم، وفي المقابل معلوم أن الطلبة هم صغار السن في الجملة، وكثير من صغارهم لم يشاركوا في قتال ولكن بسبب السحب الداخلي من الشعب بعد أن وصل إلى درجة من اليأس من الأعمال السابقة، فتح الله عليهم، فنحن ننصح المسلمين في داخل أفغانستان وفي خارج أفغانستان أن ينصروا هؤلاء الطلبة، وننصح المسلمين في الخارج أن كثيراً من الجهد الذي يقوم بعيداً عن وجود دولة للإسلام لا يأتي بالثمرة الكبيرة المرجوة، هذا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مكث ثلاثة عشر سنة يدعو في مكة، وكانت المحصلة بضع مئات من المهاجرين رضي الله عنهم، فلما وجدت دولة المدينة على صغرها في خضم دولة الفرس والروم وفي خضم عبس وذبيان وغطفان وقبائل العرب المجاورة، والأعراب التي تنهش هذه الدويلة، ومع ذلك قام الخير، فنحن ندعو المسلمين أن ينصروا هذه الدولة بكل ما أوتوا من قوة، بإمكانياتهم وبأفكارهم وبزكواتهم وأموالهم، فهي بإذن الله اليوم تمثل راية الإسلام، فإن أي اعتداء من أمريكا اليوم على أفغانستان، هو ليس على أفغانستان بذاتها، وإنما على أفغانستان رافعة راية الإسلام في العالم الإسلامي، الإسلام الصحيح المجاهد في سبيل الله. علاقتنا بفضل الله معهم قوية جداً ووطيدة، وهي علاقة عقدية قائمة على معتقد وليس مواقف سياسية أو تجارية، ساهمت كثير من الدول وحاولت أن تضغط على الطلبة ترغيباً وترهيباً ولكن الله سبحانه وتعالى ثبتهم.

س24: ولكن ما هي صحة الأنباء التي تحدثت عن استعداد أو إمكانية أن تقوم حركة طالبان أو حكومة طالبان بتسليمكم لأي دولة في حالة توجيه اتهامات رسمية ومع وجود أدلة؟
ج24: فيما سمعت أن الطلبة نفوا مثل هذا الكلام، وهو كلام غير صحيح فيما نعلم والله أعلم.
س25: تحدثتم قبل قليل عن مشاركتكم في الجهاد الأفغاني، وأن بعض الدول -خاصة دول الخليج- شجعت المجاهدين، بل دعمتهم وقدمت لهم، ومن الدول الأخرى التي قدمت دعم للمجاهدين في ذلك الوقت ضد الاتحاد السوفييتي الولايات المتحدة الأمريكية، وسائل الإعلام الغربية والعالمية تتحدث عن وجود صلة لكم مع الإدارة الأمريكية أو المخابرات الأمريكية أثناء الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي. ما هي حقيقة هذه العلاقة إن كانت موجودة؟ وما هو موقفكم منها؟ وهل صحيح أنه كان لهم أي جهد في تنمية نشاطاتكم ضد الاتحاد السوفيتي في ذلك الوقت؟
ج25: عودة على السؤال السابق في سؤالكم هل نحن نعمل هنا بصفة مستقلة؟ فالحقيقة نحن لا نعمل هنا بصفة مستقلة، بل نحن في دولة لها أمير للمؤمنين ملزمون شرعاً بطاعته فيما ليس فيه مخالفة لله سبحانه وتعالى، ونحن ملتزمون بهذه الدولة، وندعو الناس لنصرتها، ونحذر –كما ذكرنا- الخلط الذي تمارسه أمريكا. هي تريد أن تضرب دولة الإسلام في أفغانستان، ولكنها ترفع شعار ضرب أسامة بن لادن، لكن هذا لن ينفعهم. أما نحن فبإذن الله قد خرجنا ونحن نعلم هذا الطريق منذ البداية، ولا تخيفنا بفضل الله سبحانه وتعالى صواريخ أمريكا، ولكننا نحذرهم أن أي ضرب لهذا الشعب هو اعتداء على دولة الإسلام، ولظروف كثيرة في أفغانستان، هناك رأي للطلبة أن لا نتحرك من داخل أفغانستان ضد أي دولة أخرى، فهذا كان قرار أمير المؤمنين كما هو معلوم، لكن التحريض بفضل الله نحن نقوم به، والأمر ليس واقفاً على جهدنا المحدود في هذه المرحلة، وبفضل الله نحن مطمئنون إلى أن الأمة تسير بخطى حثيثة نحو العمل الجهادي ضد أمريكا، وهو واجب المسلمين أجمع كما ذكرت.
س26: ذكرت وسائل الإعلام العالمية عن دعم أمريكا للجهاد الأفغاني ضد الاتحاد السوفيتي الذي شاركتم أنتم فيه، هذا الجهاد بنفسكم وبأموالكم، وكما ذُكر أيضاً في وسائل الإعلام العالمية أنكم كنتم على صلة، أو أن الاستخبارات الأمريكية الـ CIA كانت هي التي تمول نشاطاتكم وتدعمكم في هذا الجهاد ضد الاتحاد السوفيتي. ما هي حقيقة هذه الادعاءات؟ وما هي صحة الصلة بينكم وبين أمريكا في ذلك الوقت؟

ج26: هي محاولة للتشويه من الأمريكان، الحمد لله الذي رد كيدهم إلى الوساوس، فكل مسلم منذ أن يعي التمييز في قلبه بغض للأمريكان، وبغض لليهود والنصارى، وهو جزء من عقيدتنا وديننا، فمنذ أن وعيت على نفسي وأنا في حرب وفي عداء وبغض وكره للأمريكان، وما حصل هذا الذي يقولونه قط. أمّا أنهم دعموا الجهاد أو دعموا القتال، فالدعم في الحقيقة –حسب ما تبين لنا- هو دعم من الدول العربية، وبخاصة الدول الخليجية لباكستان حتى تدعم الجهاد وهو لم يكن لوجه الله سبحانه وتعالى، وإنما كان خوفاً على عروشهم من الزحف الروسي، وأمريكا في ذلك الوقت كان كارتر لم يستطع أن يتكلم بكلمة ذات شأن إلا بعد مرور بضع وعشرين يوماً عام 1399هـ، وكان يوافق [2] يناير، قال أن أي تدخل لروسيا إلى منطقة الخليج يعتبر اعتداء على أمريكا ؛ لأنه محتل لهذه المنطقة ومحتل للبترول، فقال نحن سوف نستخدم القوة العسكرية إذا حصل هذا التدخل، فالأمريكيون يكذبون إذا زعموا أنهم تعاونوا معنا في يوم من الأيام، ونتحداهم أن يبرزوا أي دليل، وإنما هم كانوا عالة علينا وعلى المجاهدين في أفغانستان، لم يكن باتفاق، وإنما نحن كنّا نقوم بواجب في نصرة الإسلام في أفغانستان، وإن كان هذا الواجب يتقاطع بغير رضانا مع مصلحة أمريكية، فعندما قاتل المسلمون الروم معلوم أن القتال شديد بين الروم والفرس كان دائماً، فلا يمكن لعاقل أن يقول أن المسلمين لمّا بدءوا بالروم في غزوة مؤته كانوا هم عملاء للفرس، وإنما تقاطعت المصلحة، فقتلك للروم هو واجب عليك، كان يفرح الفرس، لكن بعدما أنهوا على الروم بعد غزوات معها، بدءوا بفضل الله عز وجل، فتقاطع المصالح بدون اتفاق لا يعني الصلة أو العمالة، بل نحن نعاديهم من تلك الأيام، ولنا محاضرات بفضل الله من تلك الأيام في الحجاز ونجد بوجوب مقاطعة البضائع الأمريكية، وبوجوب ضرب القوات الأمريكية وضرب الاقتصاد الأمريكي قبل اثنتي عشرة سنة.
س27: هناك تقارير منشورة في وسائل الإعلام العربية والعالمية عن وجود نشاطات لأتباعكم أو أنصاركم في بعض الدول العربية، ومنها اليمن على سبيل المثال. ما صحة هذه التقارير؟
ج27: نحن صلتنا بالعالم الإسلامي أجمع، سواء في اليمن أو في باكستان أو في أي مكان، نحن جزء من أمة واحدة، وبفضل الله الذين اقتنعوا وتحفزوا للجهاد في كل يوم يزداد عددهم، وأعدادهم مبشرة، فلنا في اليمن وفي غير اليمن، وفي اليمن تربطنا علاقات قوية وقديمة بفضل الله سبحانه وتعالى، فضلاً عن أن جذورنا وجذور الوالد ترجع إلى اليمن.
س28: قبل شهرين تقريباً، السلطات الألمانية ألقت القبض على شخص يدعى ممدوح محمود سالم، يُقال أنه كان المدير المالي لكم، وسلمته قبل أيام للولايات المتحدة الأمريكية، وهذا الشخص متهم بأنه كان يدير أعمالكم التجارية. ما مدى العلاقة لكم بهذا الشخص؟ وما مدى تأثير اعتقاله وتسليمه للسلطات الأمريكية على نشاطاتكم أو تمويلكم؟
ج28: أخونا ممدوح هو المعروف بين الشباب أخونا أبو هاجر، رجل من خيرة من عرفنا من الرجال، كان حافظاً لكتاب الله سبحانه وتعالى، أعطاه الله صوتاً جميلاً، وهو إمامنا في بيشاور لا يخفى على أحد، وكان في تلك الفترة يقوم بأعمال إغاثية ومتعاوناً مع بعض الهيئات الإسلامية الإغاثية في بيشاور، كما لا يخفى عليكم والصلة به قديمة منذ تلك الأيام، لكن نحن نتابع الأخبار العالمية وأنهم يلقون القبض على عدد من الشباب منهم: هويدا، ومنهم خالد الفواز، ومنهم ممدوح وغيره، وفي الحقيقة لمحاولة تغطية الفشل الأمريكي الذي أصابهم بعد حادثي تنزانيا ونيروبي، وخاصة حسب ما نشرت التقارير الإستخباراتية العالمية أنها كانت ضربة مؤلمة ولم يأخذوا مثلها منذ تفجير المارينز في لبنان، حيث أن سفارة نيروبي كانت عبارة عن ست سفارات مركبة، فمنها انطلق الغزو المتوحش الأمريكي ضد شعب الصومال، وقتّل من إخواننا ونسائنا وأبنائنا في الصومال ثلاثة عشر ألفاً، بل تحت راية الأمم المتحدة، وذكرت الأخبار بالصور أنهم كانوا يشوون إخواننا الصوماليين كما تشوى النعاج ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولم يتكلموا عن مدى الوحشية وعن الاعتداء وإنما اللوم دائماً يأتي على المسلمين إذا دافعوا عن أنفسهم، ومن هناك منذ بضع عقود تُدار المؤامرات لتقسيم السودان، وتنطلق من نيروبي، والذي يدبر الأمر في تلك الدولة هي السفارة الأمريكية كما هو معلوم، وأكبر مركز للاستخبارات الـ C.I.A في شرق أفريقيا هو تلك السفارة، فمن فضل الله على المسلمين كانت ضربة موفقة كبيرة جداً كانوا أهلاً لها، حتى يذوقوا مما ذقنا في صبرا وشاتيلا ودير ياسين وقانا وفي الخليل وغيره. فالشاهد الأخ ممدوح هو أخ كريم وفاضل، لكن الحق يُقال أن ليس له صلة بأي شيء مما اتُهم فيه، وصلاتنا به للأسف بعد خروجنا كان قد التزم بأعمال أخرى مدنية ليس لها صلة بنا بتاتاً، فهو ظلم مركب عليه. كما اتهموا الشيخ عمر عبد الرحمن –رجل مسن قد ذهب بصره من كبار علماء المسلمين نرجو الله أن يفرج عنه- فهي محاولة لتغطية الفشل الذي وقع فيه الـ C.I.A.

س29: علاقتكم بالتنظيمات الإسلامية الأخرى في الوطن العربي. كيف تصفونها؟ وكيف تقولون عنها في الوقت الحاضر؟ وما هي حقيقة موقف الجماعة الإسلامية بمصر من الجبهة الإسلامية العالمية؟ وهل انسحبت منها؟
ج29: بفضل الله علاقتنا بالجماعات الإسلامية في العالم الإسلامي بالجملة.. علاقات جيدة وحسنة، ونحن نتعامل معهم على البر والتقوى لنصرة هذا الدين كل في المجال الذي فتح الله سبحانه وتعالى به عليه، ونحن ندعو المسلمين وبخاصة العاملين للإسلام أن يترفعوا عن المشاكل الجزئية، واستطاع للأسف شياطين الإنس والجن –وبخاصة الصليبيين- أن يصرفوا الدول فضلاً عن الجماعات الصغيرة فيها إلى مشاكل إقليمية، أعتقد مِصر لها مشاكل مع ليبيا والسعودية واليمن، وكذلك الجماعات تعيش في مشاكل ضيقة في الجملة إلا من رحم الله، بينما يتفرد الكفر الأكبر –التحالف الصليبي الأمريكي – يمزق العالم الإسلامي وينهب ثروات المسلمين بشكل لم يسبق له مثيل. [والجزء الثاني من السؤال].
س30: الجماعة الإسلامية بمصر. هل كانت جزءاً من الجبهة الإسلامية العالمية؟ وهل انسحبت منها؟
ج30: نعم تربطنا بهم علاقات قوية جداً بفضل الله سبحانه وتعالى منذ أيام الجهاد، وكنّا نقاتل في خنادق واحدة ضد الاتحاد السوفيتي، وكان لهم موقف مشرف مؤيد في التوقيع على الفتوى التي تهدر دم الأمريكان واليهود، هم وقعوا على الفتوى، ولكن حصل هناك لبس في مسألة إدارية عند تصدير الفتوى. جاء إصدار الفتوى موافق تاريخياً لنشوء الجبهة فحصل لبس عند الناس أن الجماعة الإسلامية هي جزء من الجبهة الإسلامية، لذلك هي اضطرت أن توضح موقفها، هي وقعت على الفتوى، لكن هي ليست جزء من الجبهة الإسلامية العالمية.
س31: الأهداف التي ترونها لأنفسكم في النهاية. ما هي هذه الأهداف؟ وما هي الرسالة التي تريدون أن توجهوها للعالم العربي والعالم الإسلامي بشكل عام؟
ج31: الحمد لله. كما ذكرتم أننا نعتقد اعتقاداً جازماً، وأقول ذلك لشدة ما تمارسه الأنظمة والإعلام علينا يريدوا أن يسلخونا من رجولتنا، نحن نعتقد أننا رجال ورجال مسلمون ينبغي أن نذود عن أعظم بيت في الوجود –الكعبة المشرفة- أن نتشرف بالذود عنها، لا أن تأتي المجندات من الأمريكيات ومن اليهوديات والنصرانيات يذدن عن أحفاد سعد والمثنى وأبي بكر وعمر، والله لو لم يكن أكرمنا الله بالإسلام لأبى أجدادنا في الجاهلية أن تأتين أو أن يأتي هؤلاء العلوج الحمر بحجة هذه الدعوى، وهي دعوى لم تعد تنطلي على الأطفال، وقد قال الحكام في تلك المنطقة أن مجيء الأمريكان لبضعة أشهر وهم كذبوا في البداية والنهاية، وثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة كما ذكر رسولنا عليه الصلاة والسلام، فذكر منهم ملك كذّاب، فمرت الأشهر ومرت السنة الأولى والثانية ونحن الآن في السنة التاسعة، والأمريكيون يكذبون الجميع، يقولون نحن لنا مصالح في هذه المنطقة ولن نتحرك قبل أن نطمئن عليها، فعدو يدخل يسرق مالك، إذا قلت له أنت تسرق، يقول لا أنا هذه مصلحتي، فيغالطونا بالألفاظ. فالحكام في تلك المنطقة لعل رجولتهم سُلِبت، ويظنون أن الناس نساء، ووالله إن الحرائر من نساء المسلمين ليأبين أن تدافع عنهن المومسات من الأمريكيات واليهوديات، فهدفنا العمل بشرع الله سبحانه وتعالى والذود عن الكعبة المشرفة.. هذه الكعبة العظيمة وهذا البيت العتيق، الله سبحانه وتعالى جعل وجود البشر في هذه الأرض على توحيده للعبادة، ومن أعظم العبادة.. بل أعظم العبادات بعد الإيمان الصلاة كما في الصحيح (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد) فالله سبحانه وتعالى لا يقبل منّا صلاة مكتوبة إذا لم نتجه إلى هذا البيت العتيق، واختار له خير الناس أبا الأنبياء عليه الصلاة والسلام إبراهيم بعد نبينا عليه الصلاة والسلام لبنائه وإسماعيل. فهذا هدفنا أن نجرد بلاد الإسلام من الكفر وأن نطبق فيها شرع الله سبحانه وتعالى حتى نلقاه وهو راضٍ عنّا.

أما رسالتي للمسلمين فأقول لهم: إن الدين والدنيا إذا لم نتبع أمر الله سبحانه وتعالى سيذهب فلا يبقى لنا لا دين ولا دنيا ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأما الدين فنحن نرى الكفر الأكبر في بلاد الإسلام، ونرى الكفار قد استحلوا بلادنا، ونرى التحاكم إلى القوانين الوضعية التي نص عليها علماؤنا بأنها كفرٌ أكبر مخرج من الملة، كما في فتاوى الشيخ/ محمد بن إبراهيم، أو في كتاب التوحيد، أو في كتاب فتح المجيد أيضاً للشيخ/ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ. بشرحه لكتاب التوحيد، أو في كتاب الشيخ/ محمد بن صالح العثيميين. في المجموع الثمين في الجزء الثالث، أو في كتاب التوحيد للشيخ/ الفوزان، فنقلوا نصوص أهل العلم في هذه المسائل أن هناك فرق بين القاضي الذي يحكم بمسألة واحدة بغير الشرع وإنما لهوى أو لرشوة أو يخاف من أبيه أن يغضب إذا حكم على أحد أقربائه، فالذي يصدر منه المرة ونحوها فهذا كفرٌ لأن الله سبحانه وتعالى سماه كفر، لكنه لا يخرج من الملة … {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فهذا الذي قال عليه الشيخ/ محمد بن إبراهيم. أنه هذا الذي لا يخرج أما الذي وضع قوانين بدل شريعة الله حتى يتحاكم الناس إليها فهذا كفر أكبر مخرج من الملة، وللأسف هذا انتشر انتشاراً واسعاً في العالم الإسلامي، فنحن نسعى لتطبيق شرع الله سبحانه وتعالى علينا، وعلماؤنا الصادقون الكرام -نرجو الله أن يفرج عنهم- قد تكلموا بذلك، ومن تكلم منهم أُودع في السجون أمثال: الشيخ سلمان بن فهد العودة، والشيخ سفر الحوالي، وإبراهيم الدبيان، ودبيان الدبيان، وإخوانهم نرجو الله أن يفرج عنهم جميعاً. أما من ناحية الدنيا فهذا البترول الذي كان يأخذ بمبالغ زهيدة. كانت دول الخليج أثناء إنشاء شركة أرامكو مبكراً في عهد الملك فيصل، كان لا يطلع لهم من البرميل إلا بضع وسبعين سنتاً، أقل من دولار، ثم شاء الله سبحانه وتعالى أن قامت الحرب ضد اليهود في [73] وقطع العرب البترول فكسبوا أيضاً في دنياهم وارتفعت الأسعار وتوالت في الارتفاع إلى أن وصلت ما يُقارب [40] دولار أو [36] دولار في الثمانينات، ثم أن الأمريكان باحتلالهم وطوقهم على بلاد الخليج وإجبارهم لدول الخليج أن تزيد من الإنتاج ومن العرض مما أدى إلى نزول الأسعار. فنحن نتكلم عن أكبر سرقة عرفتها البشرية في التاريخ، يمكن أن نوضحها خلال هذه الخريطة. قلنا كان وصل إلى حوالي الأربعين فأخذنا متوسط [36] دولار للبرميل كما هو معلوم. الأسعار الآن تقريبا [9] دولار، وهو أقل سعر للبترول منذ ربع قرن، ومعلوم أن البترول هو السلعة الأساسية والصناعات الأخرى متفرعة عنها، فلا معنى لوجود السيارات بهذا الحجم ووجود كثير من الصناعات إلا هي متفرعة عن البترول، فنجد أن الدول الصناعية رفعت أسعار السلع إلى ثلاثة إلى أربعة أضعاف على الأقل، بينما للأسف البترول نزل أربعة أضعاف، في حين كان ينبغي أن يرتفع إلى أربعة أضعاف أو خمسة، إذ هو الأساس. فمن هنا عندما كان [36] دولار فلو رفعنا أربعة أضعاف فيكون عندنا [144] دولار للبرميل، في حين أن سعر البرميل الحالي [9] دولار، فحجم السرقة والخسارة في كل برميل لمن تسرقه أمريكا وحلفاؤها، نطرح [9] من [144] دولار، فيكون عندنا حجم السرقة [135] دولار للبرميل، فحجم السرقة اليومي –هذا في البرميل- إذا علمنا أن أوبك لوحدها الدول الإسلامية في أوبك تصدر وتنتج [25] مليون برميل يومياً فضلاً عن [5] ملايين برميل من الدول الإسلامية التي هي خارج أوبك، فالإجمالي عندنا تقريباً [30] مليون برميل، فإذا ضربنا الفرق الذي هو حجم السرقة اليومي في عدد البراميل يكون حجم السرقة في اليوم [4] مليار دولار و[50] مليون دولار يومياً، وهذا الحجم لم تشهد له البشرية مثيل، يكفي للتدليل على حجم هذه السرقة أن هذا المبلغ يكفي لإعاشة شعب في السودان من [30] مليون لمدة أربع سنوات، ويكفي لإعاشة شعب مثل اليمن شماليه وجنوبيه لمدة سنتين، ميزانية اليمن [2] مليار وقليل من الدولارات، وهو اليوم بالنسبة للمملكة يعني تقريباً خمسة أضعاف هذا المبلغ أو أربعة أضعاف وقليل يساوي ميزانية المملكة العربية، وأما إذا حسبنا كم حجم السرقة في سنة فنضرب في [365] يوم، فيكون عندنا واحد تريليون و[478] مليار دولار في سنة، فإذا حسبنا حجم السرقة خلال ربع قرن فنضرب في [25] سنة، فيكون عندنا [36] تريليون دولار حجم السرقة الذي سرق من المسلمين فقط على مستوى البترول فضلاً عن المعادن الأخرى في بلاد المسلمين، لو قسمنا هذا المبلغ على عدد المسلمين في العالم البالغ ألف ومئتين مليون مسلم، يكون لكل مسلم طفلاً أو كبيراً في ذمة أمريكا وحلفائها [30] ألف دولار، ولا حول ولا قوة إلا بالله، بينما شعوب العالم الإسلامي ترزح تحت الفقر والمرض والجوع، كيف نتخيل سرقة يوم واحد ماذا كانت يمكن أن تفعل في شعب مثل إخواننا في بنجلاديش الذين هم في مهب السيول والفيضانات في كل عام، والأمراض منتشرة فيهم أو في كثير منهم.

فلذلك أمريكا ترغب في كل من يقول كلمة الحق ضدها أن يسكت؛ لحجم السرقة الضخم الذي تسرقه، والمؤسف أن دول الخليج استطاعت أمريكا أن تدخلها –نتيجة الاحتلال- في دوامة الديون، فبرغم انخفاض الأسعار تلزمهم أن يشتروا أسلحة لا قبل لهم بها ولا حاجة لهم بها، حديد قديم خردة عند الأمريكان، يلزموا دول الخليج بشرائه، ولما نفذ الاحتياطي أصبحوا يلزمونهم بالشراء بالدين، فاليوم –كما في التقارير الموثقة من مراكز دراسات في داخل الجزيرة العربية، وفي رسالة موجهة من الدكتور/ عبد العزيز الدخيل، وهو رئيس أحد مراكز الدراسات الاقتصادية موجهة لأمراء البلاد، يتحدث عن حجم الدين الداخلي وهو ما يساوي تقريبا [150] مليار دولار، فضلاً عن الدين الخارجي والذي يُقدر إذا جمعتهما إلى [200] مليار دولار في المملكة، فإذا سألنا عن نسبة خدمة الربا 10% مركبة فيكون مطلوب [20] مليار دولار خدمة الدين فقط فضلاً عن سداد أصل الدين، في حين دخل دول الخليج، دولة الكويت أيضاً هي في نفس المشكلة، الدخل من البترول إذا اقتطعنا تكلفة الإنتاج واقتطعنا ما ينبغي لإعادة الصيانة والاستثمار في مجال البترول كدولة مثل المملكة، يكون ناتجها من البترول يساوي [16] مليار، بينما تحتاج [20] مليار لخدمة الدين. فأدخلوا دول المنطقة في دوامة الديون التي لا يمكن أن يخرجوا منها إلا بالرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.. وأن يعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وءامنهم من خوف، فإذا عبدوه حق العبادة فهو الذي يدفع الخوف وهو الذي يطعم من جوع سبحانه وتعالى. ومسألة أخيرة هنا أيضاً، أقول لإخواننا الذين ركنوا إلى وقت ما وعزفوا عن الصدع بالحق وينتظرون أن تمر العاصفة، فها هي مرت السنوات وبدأت تمر العقود والحملة الصليبية لم تنته. أقول لهم أننا في هذا الزمن، أقول لهؤلاء الإخوة الذين ما زالوا ينتظرون أن تتحسن الأوضاع بدون أن يقوموا بجهد جدي، أقول لهم أن الأمريكان يساوموننا على السكوت، وأمريكا وبعض عملائها في المنطقة، ساوموني أكثر من عشر مرات على السكوت.. على هذا اللسان الصغير، ونرجع لك الجواز ونرجع لك أموالك ونرجع لك بطاقة الهوية لكن اسكت، وهؤلاء يظنون أن الناس يعيشون في هذه الدنيا من أجل الدنيا، ونسوا أنه لا معنى لوجودنا إن لم نسع لنيل رضوان الله سبحانه وتعالى.

فأقول هذا الرسم يوضح كثافة السكان حسب أعمارهم، الناس منذ الولادة، الشريحة هذه إلى عشر سنوات هم أكبر قطاع في المجتمعات السوية، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، والأمة من 60-70 سنة، في هذا الزمن ضاقت الشريحة المعطاءة لخدمة الدين وخاصة في الجهاد، فكما هو معلوم من سن الولادة إلى سن [15] سنة الإنسان غير مكلف ولا يعي الأحداث العظام، ومن سن [25] فما فوق فقد دخل في التزامات أسرية وتخرج وأصبحت له التزامات وظيفية ولديه زوجة وأولاد فعقله يزداد نضجاً ولكن قدرته على العطاء تصبح ضعيفة لكثرة الأولاد لمن لم يترك من يصرف عليهم.. وهكذا. ففي الحقيقة إذا دققنا نجد أن الشريحة من 15-25 هي الشريحة التي عندها قدرة على الجهاد والعطاء، وهذا الذي لاحظناه في الجهاد في أفغانستان، معظم المجاهدين من هذا السن، فعندما دخل الأمريكان في محرم في أول سنة 1411هـ، هؤلاء الصغار ما كانوا يعون الحدث، وصدرت للأسف فتاوى الدولة ودول الخليج ساهمت للضغط على هؤلاء العلماء لإصدار مثل هذه الفتاوى التي زعموا لهم أنها مؤقتة، وقد حدثنا من نثق به من هؤلاء العلماء، وبالذات الشيخ/ محمد بن صالح العثيميين. في مجلسه وفي بيته، قال نحن لم نصدر فتوى، وإنما بعد أن أدخلت الدولة الأمريكان جمعونا وقالوا لا بد أن تصدروا فتوى، وإلا فإن الشباب سوف يقاتلون هذه القوات الأمريكية، وتحدثت معه طويلاً في وجوب إصدار فتوى لإخراجهم من هيئة كبار العلماء، وقال لي بوضوح –يشهد الله الذي لا إله إلا هو- قال يا أسامة ليس من حقنا في هيئة كبار العلماء أن نُصدر فتوى من عند أنفسنا، وإنما إذا أُحيلت إلينا من المقام السامي –على حد تعبيره- نحن نصدر فيها. فهذا حالنا للأسف الشديد، فهذه الشريحة من 15-25 عندما سكت الناس، لم يعلموا حقيقة الأمر، فنحن الآن [9] سنوات منذ الغزو، فهذه الشريحة بالكامل إلا من عمرهم [16] سنة وصلت إلى أن أصبح الآن عمرهم [34] سنة، فهم دخلوا في الشريحة التي نضجت عقلياً ولا تستطيع أن تعطي، والشريحة الصغيرة التي هي الآن تستطيع أن تعطي، الناس متوقفون عن تبيين الوضع لها، فإن سكتنا فيصبح حالنا كما حصل في الأندلس تمضي عشر سنين ثم يتبلد الحس تدريجياً، فأمر خطير، فيجب على الناس أن يبذلوا ما يستطيعوا في تحريض الأمة بكل ما يستطيعون بألسنتهم وبأقلامهم وبأنفسهم، ونحن بفضل الله قمنا بهذا الواجب اعتقاداً أنه متعين علينا ونحن مستمرون فيه حتى نلقى الله سبحانه وتعالى.
وفي الختام أوجه نصيحة إلى جميع المسلمين بأن يتدبروا كتاب الله سبحانه وتعالى، فهو المخرج، فهو الذي انتشلنا من قاع الجاهلية المنتنة في تلك العصور المظلمة، فدواؤنا في الكتاب والسنة، وعندما يقرأ الإنسان القرءان يتعجب من قعود كثير من الناس، هل هم لا يقرءون القرءان؟ أم أنهم يقرءون ولا يتدبرون؟ يقول الله سبحانه وتعالى: {يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء، بعضهم أولياء بعض، ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}. قال أهل العلم: منهم: أي منهم في الكفر، أي يصبح مثلهم كافر، ثم الآية التي تليها، يقول سبحانه: {فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم، يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده، فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين}.
فأرجو من إخواني المسلمين أن يقرءوا القرءان، وأن يقرءوا تفسير هذه الآيات، وهي كثيرة جداً في كتاب الله التي حذرنا الله سبحانه فيها من الولاء للكفار، يقرءوا تفسير ابن كثير، ومختصر تفسير ابن كثير للشيخ/ محمد نسيب الرفاعي، وأقول أن العالم قد اجتمع على أكل هذا العالم الإسلامي.. العالم الصليبي قد أجمع على أكلنا، وقد تداعت علينا الأمم ولم يبق لنا بعد الله سبحانه وتعالى إلا الشباب الذين لم تثقلهم أدران الدنيا، فالله سبحانه وتعالى علمنا كيف نرد على الذين يتحججون بتأخير الجهاد، قال تعالى: {فلما كُتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية، وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب}. وهذا الذي نصاب به اليوم، مش وقته الآن، أخِّرها، {لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والئاخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا}. فالذي أيقن أن متاع الدنيا قليل وأن الآخرة خير وأبقى، هذا هو الذي يستجيب لأمر الله سبحانه وتعالى. وفي الآيات التي مرت معنا {يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء}. يبين ابن كثير رحمه الله أن المسلمين اكتشفوا المنافقين يوم دافعوا ووالوا بني قينقاع من اليهود، واليوم حكام العرب يوالون اليهود والنصارى على الملأ، وما زال الناس يمدحون أعداء الإسلام والمسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فينبغي وقفة جادة صادقة نبتغي بها رضوان الله سبحانه وتعالى، وأن هذه الحياة الدنيا هي متاع الغرور، وعلى كل مسلم يستطيع أن ينفر بنفسه فعليه أن ينفر، ويسأل عن مواطن الجهاد والإعداد حتى يلقى الله سبحانه وتعالى وهو راض عنه، وأحرض نفسي والمؤمنين بقول القائل بعد هذه المصاعب العظام:
تأهب مثل أهبة ذي كفاح فإن الأمر جل عن التلاحي
أتتركنا وقـد كثرت علينا ذئاب الكفر تأكل من جناحي
فأين الحـر من أبناء ديني يذود عن الحرائر بالسلاح
سـألبـس ثوبهـا وأذود عنها بأطراف الأسنة والصـفـاح
ذئاب الكفر مـا فتأت تؤلـب بني الأشرار من شتى البطاح
وخير من حيـاة الذل مـوت وبعض العار لا يمحوه مـاح
أسأل الله العلي العظيم أن يمنّ على المسلمين بعودة إلى دينه الكريم، وأن ينصر الشباب الذين خرجوا جهاداً في سبيله يبتغوا رضوانه، ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. اللهم منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم. اللهم ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار. اللهم انصرنا على الأمريكان وإسرائيل ومن والاهم إنك على كل شيء قدير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
|