6- النهي عن إعانتهم على المسلمين
قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين، فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين، ويقول الذين آمنوا أهؤلاء الذين أقسموا بالله جهد أيمانهم إنهم لمعكم حبطت أعمالهم فأصبحوا خاسرين المائدة 51- 53 قال الطبري رحمه الله في سبب النزول: "والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال إن الله -تعالى ذكره- نهى المؤمنين جميعاً أن يتخذوا اليهود والنصارى أنصاراً وحلفاءً على أهل الإيمان بالله ورسوله، وأخبر أنه من اتخذهم نصيراً وحليفاً وولياً من دون الله ورسوله والمؤمنين فإنه منهم في التحزب على الله وعلى رسوله والمؤمنين، وأن الله ورسوله منه بريئان" تفسير الطبري ج6 ص276
قال ابن تيمية -رحمه الله- عن التتار: "وكل من قفز إليهم من أمراء العسكر فحكمه حكمهم، وفيهم من الردة عن شرائع الإسلام بقدر ما ارتد عنه من شرائع الإسلام
وإذ كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلاً للمسلمين" الفتاوى الكبرى ج4 ص332 وما بعدها
قال ابن حزم رحمه الله: "وقد علمنا أن من خرج عن دار الإسلام إلى دار الحرب فقد أبق عن الله تعالى وعن إمام المسلمين وجماعتهم، ويبين هذا حديثه -صلى الله عليه وسلم- أنه: "بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين"، وهو عليه السلام لا يبرأ إلا من كافر قال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض التوبة 71
قال أبو محمد رحمه الله: فصح بهذا أن من لحق بدار الكفر والحرب مختاراً محارباً لمن يليه من المسلمين فهو بهذا الفعل مرتد، له أحكام المرتد كلها من وجوب القتل عليه متى قدر عليه ومن إباحة ماله وانفساخ نكاحه وغير ذلك، لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يبرأ من مسلم
وكذلك من سكن بأرض الهند والسند والصين والترك والسودان والروم من المسلمين، فإن كان لا يقدر على الخروج من هنالك لثقل ظهر أو لقلة مال أو لضعف جسم أو لامتناع طريق فهو معذور، فإن كان هناك محارباً للمسلمين معيناً للكفار بخدمة أو كتابة فهو كافر
ولو أن كافراً مجاهداً غلب على دار من دور الإسلام، وأقر المسلمين بها على حالهم، إلا أنه هو المالك لها المنفرد بنفسه في ضبطها وهو معلن بدين غير دين الإسلام لكفربالبقاء معه كل من عاونه وأقام معه وإن ادعى أنه مسلم لما ذكرنا" المحلى ج11 ص199،200 وقوله: "كافراً مجاهداً" لعله تصحيف صوابه "كافراً مجاهراً" والله أعلم
فماذا يقول الطبري و ابن حزم وابن تيمية –رحمهم الله- لو شاهدا الطائرات والجيوش الأمريكية وحلفاءها التي تنطلق من دول الخليج لتضرب المسلمين في العراق؟ وماذا يقولان لو شاهدا الطائرات الأمريكية التي تقلع من باكستان لتقتل المسلمين في أفغانستان؟ وماذا يقولون لو شاهدوا السفن والطائرات الأمريكية والغربية وهي تتزود بالوقود والمؤن والذخائر من دول الخليج واليمن ومصر في طريقها لحصار العراق واحتلال جزيرة العرب وحماية أمن إسرائيل؟
وماذا يقولون لو شاهدوا البيوت تهدم على رؤوس سكانها من مسلمي فلسطين بسلاح الأمريكان أصدقاء حكامنا، وماذا يقولون لو شاهدوا الطائرات الأمريكية تقصف المجاهدين بالصواريخ في اليمن متواطئة مع حكومتها؟
7- الأمر بجهادهم وكشف باطلهم وعدم مودتهم والبعد عنهم
لم ينهنا المولى –سبحانه- عن موالاة الكفار فقط، بل أمرنا أيضاً بجهاد الكفار الأصليين والمرتدين والمنافقين:
أ- جهاد الكفار الأصليين وتعينه إذا استولوا على بلاد الإسلام
قال ابن تيمية رحمه الله: " وإذا دخل العدو بلاد الإسلام فلا ريب أنه يجب دفعه على الأقرب فالأقرب إذ بلاد الإسلام كلها بمنزلة البلدة الواحدة، وأنه يجب النفير إليه بلا إذن والد ولا غريم، ونصوص أحمد صريحة بهذا" وقال أيضاً: "وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان، وقد نص على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم، فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده" الفتاوى الكبرى، الاختيارات العلمية، كتاب الجهاد، ج4 ص607 وما بعدها
فتأمل هذا القول القوي الشديد من العالم المجاهد شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في استدلاله بالإجماع على جهاد الكفار الغزاة لديار الإسلام، وتأمل تأكيده على أنه ليس بعد الإيمان أوجب من دفعهم، وأن هذا مما اتفق عليه علماء الأمة رحمهم الله جميعاً، ثم قارن هذا الكلام بكلام علماء السلاطين ودعاة القعود الذين يجتهدون في صرف المسلمين عن الجهاد بكل حيلة، حتى يأمن الكفار الغزاة في غزوهم لبلادنا، ويتم لهم ما يريدون في يسر وراحة واطمئنان
ب- جهاد المرتدين الحاكمين لبلاد الإسلام
من أعظم صور الجهاد العيني في هذا الزمان جهاد الحكام المرتدين الحاكمين بغير شريعة الإسلام الموالين لليهود والنصارى، وهذا الأمر مما اتفق عليه العلماء رحمهم الله، واستفاضت فيه أقوالهم، ونحن هنا نكتفي بإيراد بعضها
قال الله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً النساء 65
قال الشافعي رحمه الله: "باب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول، وقال تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله، وقال تعالى: ومن يطع الرسول فقد أطاع الله، وقال تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
فأكد -جل وعلا- بهذه الآيات وجوب طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبان أن طاعته إطاعة الله، وأفاد بذلك أن معصيته معصية الله، وقال الله تعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم، فأوعد على مخالفة أمر الرسول، وجعل مخالف أمر الرسول والممتنع من تسليم ما جاء به والشاك فيه خارجاً من الإيمان بقوله تعالى: فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً
قيل في الحرج ههنا: إنه الشك روي ذلك عن مجاهد، وأصل الحرج الضيق، وجائز أن يكون المراد التسليم من غير شك في وجوب تسليمه ولا ضيق صدر به، بل بانشراح صدر وبصيرة ويقين
وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئاً من أوامر الله تعالى أو أوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- فهو خارج من الإسلام، سواء رده من جهة الشك فيه، أو من جهة ترك القبول والإمتناع من التسليم
وقال الله تعالى: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم سورة التوبة 71 قال ابن كثير رحمه الله: "لما ذكر تعالى صفات المنافقين الذميمة عطف بذكر صفات المؤمنين المحمودة، فقال: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض أي يتناصرون ويتعاضدون، كما جاء في الصحيح خ481 م2585 "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وشبك بين أصابعه"، وفي الصحيح أيضاً خ6011 م2586 "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر"" تفسير ابن كثير ج2 ص370
10- الخلاصة:
أ- نهانا الله سبحانه أن نتخذ الكفار أولياء ننصرهم على المؤمنين باليد واللسان، ومن فعل ذلك فهو كافر مثلهم
وأجاز الشرع لمن خاف القتل أو القطع أو الأذى العظيم أن يتكلم بما يدفع به الأذى عن نفسه –لا بما يجلب به النفع- من الكفار دون أن يوافقهم في باطنه أو يناصرهم على المسلمين بفعل أو قتل أو قتال، والأفضل له أن يتصلب ويصبر
ب- أمرنا المولى سبحانه ببغض الكافرين وترك مودتهم، وأنهم يبغضوننا ويحسدوننا على ديننا ويتمنون زوالنا عنه، وأن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عد حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- منافقاً لمجرد أنه أرسل للكفار يخبرهم بمسير النبي –صلى الله عليه وسلم- إليهم بجيش لا قبل لهم به، وسعى في قتله، ولم ينكر عليه النبي –صلى الله عليه وسلم- ذلك، ولكنه –صلى الله عليه وسلم- عفا عن ذنبه العظيم بعمله الصالح العظيم بشهوده بدراً
وأن هناك علاقة وثيقة بين محبة المولى سبحانه وموالاة المؤمنين والجهاد في سبيل الله
وأن إيصال الخير والتعامل بالعدل مع من لم يعادينا من الكفار ليس من الموالاة المنهي عنها
ج- نهانا الشرع عن اتخاذ الكفار بطانة وأمناء على أسرارنا
د- نهى الشرع عن تولية الكفار في المناصب الهامة
هـ- نهانا الشرع عن اتباع اعتقادات الكفار وآرائهم وتعظيمها
و- نهانا الشرع عن إعانة الكفار على المسلمين، وأن الإكراه ليس بعذر في قتال الممسلمين تحت راية الكفار

ز- أمرنا الشرع بجهاد الكفار –الأصليين منهم والمرتدين- والمنافقين، وأن جهاد الكفار المستولين على بلاد الإسلام هو من أوجب الواجبات بعد الإيمان بإجماع العلماء
ح- لم يقبل الشرع عذر المنافقين بأنهم يوالون الكفار خوفاً من تقلب الأحوال
ط- أوجب علينا الشرع مناصرة المسلمين على الكفار
الفصل الثاني: صور من الانحراف عن عقيدة الولاء والبراء
1- الحكام جمعوا بين الحكم بغير ما أنزل الله وموالاة اليهود والنصارى
من أكثر الفئات انحرافاً عن منهج الإسلام في الولاء والبراء في هذا الزمان -رغم ادعائهم الانتساب للإسلام- فئة الحكام الخارجين على الشريعة المسيطرين على بلاد الإسلام
وقد اتسع خطر هذه الفئة على الأمة المسلمة حتى أصبحت أشد خطر يحرف الأمة عن عقيدتها، ويمنعها بالقوة من اتباع دينها، وذلك لأنها فئة شديدة الانحراف عن منهج الإسلام شديدة السيطرة على أمور المسلمين وأرواحهم وأموالهم، وفي نفس الوقت شديدة الانتشار فلا يكاد يفلت من شرها بلد من بلاد الإسلام
وانحراف هذه الفئة انحراف مركب، فهي فئة لا تحكم بالشريعة بالإضافة لموالاتها واستسلامها لأعداء الإسلام الخارجيين وخاصة اليهود والنصارى
فإذا نظرنا إلى موالاتهم لليهود والنصارى لوجدنا أنهم قد حولوا بلاد الإسلام وخاصة في العالم العربي إلى قواعد لتموين وحشد قوات اليهود والنصارى، فالناظر إلى حال الجزيرة العربية وإمارات الخليج ومصر والأردن يراها وقد تحولت إلى قواعد ومعسكرات للدعم الإداري والفني للقوات الصليبية في قلب العالم الإسلامي، زد على ذلك أن هذه الحكومات قد سخرت جيوشها لخدمة أهداف الحملة الصليبية الجديدة على الأمة الإسلامية
والناظر إلى ظاهرة الحكام الخارجين عن الشريعة المسيطرين على بلاد الإسلام يجدها تمتد إلى عقود سابقة من الزمان في تاريخنا المعاصر، فقد استطاع أعداء الإسلام وخاصة الأمريكيين واليهود والفرنسيين والإنجليز -عبر سلسلة من المؤمرات والعلاقات الخفية والدعم المباشر وشراء الذمم والرواتب والحسابات السرية والإفساد والتجنيد- تمكين هذه الفئة من مصائر المسلمين، وهذا تاريخ ليس مجال شرحه هنا، ولكننا نشير إلى أن القوى المعادية للإسلام استطاعت بعد الحرب العالمية الثانية أن تحتوي وتصب هذه الحكومات في قالب النظام العالمي الممثل للحلفاء المنتصرين في الحرب وهو قالب الأمم المتحدة

والأمم المتحدة –باختصار- في ميزان الإسلام هي هيئة كفرية عالمية مسيطرة لا يجوز الدخول فيها ولا التحاكم إليها تقوم على نبذ التحاكم لشريعة الإسلام، والرضوخ لإرادة خمسة من أكابر المجرمين في هذه الدنيا، يسيطرون على قيادة الأمم المتحدة المعروفة بمجلس الأمن
ونشير أيضاً إلى أن أعداء الإسلام جعلوا هذه الحكومات تقبل بالوجود القانوني للكيان اليهودي في فلسطين عبر العديد من الاتفاقيات الرسمية والمواقف العملية، بدءاً من اتفاقية الهدنة عام 1949 إلى اتفاقيات أوسلو عام 1993 ثم جاءت قمة بيروت الأخيرة عام 2002 لتؤكد على إجماع الدول العربية على قبول الوجود الإسرائيلي قبولاً تاماً
وجدير بالذكر أن الصلح مع إسرائيل والاعتراف باستيلائها على فلسطين يتضمن إنكاراً لأحكام شرعية واجبة ومعلومة من الدين بالضرورة فهو يتضمن إنكار الجهاد العيني المفروض على المسلمين لطرد الكفار الغزاة من ديار الإسلام كما بينا آنفاً، كما أنه يتضمن إنكار وجوب نصرة المسلمين في فلسطين وهو واجب عيني معلوم من الدين بالضرورة، قال الله تعالى:وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك ولياً واجعل لنا من لدنك نصيراً النساء 75 قال القرطبي رحمه الله: "قوله تعالى: وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله حض على الجهاد، وهو يتضمن تخليص المستضعفين من أيدي الكفرة المشركين الذين يسومونهم سوء العذاب ويفتنونهم عن الدين، فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المؤمنين الضعفاء من عباده، وإن كان في ذلك تلف النفوس" تفسير القرطبي ج5 ص279
ولم يقتصر الأمر على التخلف عن الفروض العينية بل إن معظم الدول العربية قد شاركت في مؤتمر شرم الشيخ 1996 مع إسرائيل وأمريكا وروسيا ومعظم الدول الغربية حيث اتفق الجميع وتعاهدوا على حماية إسرائيل من هجمات المجاهدين
وفي هذا الإطار من الانصياع لإرادة أكابر المجرمين استطاعت القوى المعادية للإسلام وعلى رأسها الصليبيون الجدد أن يسخروا حكومات بلادنا لخدمة أهدافهم العسكرية والاقتصادية
حتى وصلنا إلى ما نراه اليوم من حالة التبعية الكاملة للصليبيين الجدد، ففلسطين تمزق وتدمر ويذبح أبناؤها كل يوم وجاراتها العربيات صامتات أو متواطئات، والعراق تشن عليه الحملة تلو الحملة لقتل شعبه المسلم وتقسيم أرضه ونهب بتروله وجيرانه العرب يقدمون كل أشكال المساعدة والدعم لقوات الصليبيين الجدد، وأفغانستان تعبث بها القوات الصليبية وجيرانها يتواطئون مع الأمريكان لتمكينهم من السيطرة على أفغانستان وشعبها
هذه الفئة وهي فئة الحكام الخارجين على الشريعة لا يخفى فسادها وإفسادها وجرائمها على عامة المسلمين ناهيك عن خاصتهم، وموالاتهم لليهود والنصارى أظهر من أن تخفى

ولذلك فإنهم خوفاً من انتفاض الأمة المسلمة وشبابها المجاهد ضدهم -وخاصة في غمرة تصاعد العدوان الصهيوأمريكي على فلسطين والعراق والشيشان وكشمير- استعانوا بعدد من الفئات لتخدير الأمة وضمان استمرار عجزها وسلبيتها واستسلامها، وأخطر هذه الفئات هي التي تتزي بزي الإسلام والدعوة إليه، لتنفذ من خلاله إلى عقيدة الأمة وعقلها وقلبها، تماماً مثلما تحاول الجراثيم الفتاكة أن تتخطى جهاز مناعة الإنسان أو تدمره لتعيث فساداً في خلايا الجسم البشري وهذا ما سنوجزه في الفقرات التالية
2- أعوان الحكام: من العلماء الرسمييين والصحافيين والإعلاميين والكتاب والمفكرين وغيرهم من الموظفين الرسميين الذين يتلقون رواتبهم في مقابل نصرة الباطل وتزيينه ومعاداة أهل الباطل وتشويههم
وهذه الفئة هي أعلى الفئات صوتاً في الموالاة للحكام العملاء والقوات الصليبية الغازية لديار الإسلام، أو أهل الذمة كما يفترون لكنهم -للأسف- هربوا من سؤال في غاية الخطورة والحرج: من يدفع الجزية لمن؟
وهذه الفئة بأخلاطها المختلفة اتبعت أسلوباً من التلفيق العقائدي بين العقائد المنحرفة التي نبذها أئمة الإسلام سلفاً وخلفاً؛ أهل السنة والجماعة فهذه الفئة جمعت بين:
1- عقيدة الإرجاء في أفضح صورها –بلا حياء- في إسباغ الشرعية على أسوأ صور الانحلال والتبعية والفساد والنهب الذي تمثله الأنظمة الحاكمة المرتدة الخارجة على الشريعة
2- بالإضافة إلى تبنيها لمنهج الخوارج في تكفير وتفسيق وتبديع واستباحة دماء وحرمات المجاهدين العاملين للإسلام
فمفتي الديار المصرية وهو الموظف الرسمي في الحكومة المصرية الذي يتلقى راتبه منها ليؤدي عمله الذي استأجروه عليه؛ وهو إسباغ الشرعية على النظام العلماني الباطش بالمسلمين الموالي لليهود، في صورة تتفوق في غلوها على أشد عتاة غلاة المرجئة الأوائل، هو نفسه الذي أفتى المحكمة العسكرية العلمانية بإعدام المجاهدين الخمسة أبطال الإسلام في مصر -محمد عبد السلام فرج وعبد الحميد عبد السلام وخالد الإسلامبولي وحسين عباس وعطا طايل- الذين قتلوا أنور السادات، الذي وقع أربع اتفاقيات مع إسرائيل تعهد فيها بالاعتراف بدولة إسرائيل واستيلائها على فلسطين، وعدم الاعتداء عليها أو مساندة أية دولة تعتدي إسرائيل عليها، بل ونزع سلاح سيناء ضماناً لأمن إسرائيل، إلى غير ذلك من الاتفاقات السرية
وأشهر هذه الاتفاقات هي اتفاقية السلام مع إسرائيل في عام 1979 التي نصت على إنهاء الحرب بين مصر وإسرائيل إلى الأبد، ومنعت مصر من مساعدة أية دولة تتعرض لعدوان إسرائيل، بل ودعت إلى التطبيع مع إسرائيل في كل المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية، ثم أصدر الأزهر فتوى يبارك فيها هذه الاتفاقية، ويقرر فيها أنها تتفق مع الشريعة!!

ونوع آخر من المفتين يدعون إلى طاعة أولياء الأمور، وفي نفس الوقت يعتبرون المجاهدين دعاة فتنة، وهم قد أجازوا الاستعانة بالأمريكان وباعتبار جيوشهم الجرارة التي سدت الأفق وأساطيلهم الجبارة التي ضاق عنها البحر والتي بلغت مئات الألوف من الجنود الغزاة من المستأمنين!! ولا ندري من الذي يؤمن من؟؟ وصدرت منهم فتاوى جماعية بجواز الاستعانة بالقوات الأمريكية لمواجهة النظام البعثي العراقي بدعوى الضرورة، ، بل وأسبغوا الشرعية على وجود جحافل الكفار الغازية لأقدس بقاع المسلمين، وقد مر على وجود هذه القوات حتى الآن قرابة اثني عشر عاماً بعد انسحاب العراق واستسلامه، قتلت فيها تلك القوات –بالحصار- قرابة مليون ونصف مليون طفل في العراق دون أن ينطق هؤلاء الموظفون بكلمة واحدة في هذا الشأن
والأمر ليس أمر استعانة بقوات الكفار ضد قوات صدام البعثية، بل الأمر أمر احتلال لمنابع النفط في جزيرة العرب فلم يكن هناك ضرورة لإحضار الأمريكان، فإن جيوش الدول العربية والإسلامية كان فيها الكفاية والغنى لحماية الكويت أو تحريرها
ولكن هؤلاء الحكام لا إرادة لهم، بل هم صنيعة المخططات البريطانية التي رسمت لهم حدودهم، ونصبتهم على عروشهم، ثم ورث الأمريكان النفوذ البريطاني، وأصبح لهم الأمر والنهي على كل حكام الجزيرة العربية وسائر العالم العربي
إذن فقد جاء السادة ليدافعوا عن ممتلكاتهم، وليس لهؤلاء الشيوخ والملوك شأن بأمن الجزيرة العربية أو الدفاع عنها
والآن وبعد أن استسلم العراق وفرض الحظر الجوي على نصف أراضيه واستقل الشمال الكردي عن حكومة بغداد وفرضت لجان التفتيش عليه وألزم بدفع التعويضات، بعد كل هذا لا يزال الوجود العسكري الصليبي على جزيرة العرب في ازدياد، بل إنهم يعدون لحملة جديدة على العراق ينتظر لها أن تقتل مئات الآلاف من المسلمين، حتى يستولوا على نفط العراق
ثم سيتحولون بعد ذلك إلى –كما صرحوا في الكونجرس- إلى السعودية لتقسيمها، ثم إلى مصر وهي الجائزة الكبرى على حد تعبيرهم
إذن المسألة ليست مسألة استعانة بل المسألة مسألة احتلال وسلب ونهب وسيطرة وقهر من الصليبيين على المسلمين في أقدس أراضيهم؛ جزيرة العرب وهؤلاء الحكام ما هم إلا طلاء باهت على جدار الوجود الأمريكي، ثم يأتي –بعد ذلك- علماء السلطان ليوقعوا على الفتاوى المحولة لهم من المقام السامي، التي تبيح هذا الاستيلاء وهذا النهب وهذا التسلط الصليبي بل وهذا السفك لدماء المسلمين في العراق
ثم يفتي المفتي العام للسعودية -أيضاً- بجواز الصلح مع إسرائيل لأن الذي عقده معهم هو ولي أمر المسلمين ياسر عرفات

وبعض المنتسبين إلى الدعوة في الكويت صرخوا بعد قتل المجاهدين للأمريكان في فيلكا، وانتفضوا غاضبين للتعدي على الصليبيين الذين وصفوهم بأهل الذمة، ونسوا أن أهل الذمة يعيشون تحت ظل سلطان المسلمين، ويدفعون لهم الجزية، وتجري عليهم أحكام الإسلام، بينما هؤلاء المشايخ وأمرائهم يعيشون تحت قهر الصليبيين وفي سلطانهم، ويلجأون إلى حمايتهم ويدفعون لهم الأموال الباهظة طوعاً وكرهاً حتى يرضوا عنهم، ولا يستطيعون أن يخالفوا إرادتهم قيد أنملة فمن في ذمة من؟ ومن يدفع الجزية لمن؟ ومن في قهر من؟
ونسوا أيضاً أن الكويت من جزيرة العرب ولا يجوز بقاء اليهود والنصارى فيها أصلاً
وكل هؤلاء -الذين يقطعون الطريق إلى الله- يأمرون الناس بطاعة أولئك الخارجين على الشريعة في ترك الجهاد الواجب، فارتكبوا بذلك عدة مصائب:
أ- أعانوا على استمرار استيلاء الكفار على بلاد الإسلام
ب- ثبطوا الناس عن الجهاد العيني المفروض عليهم
ج- أضفوا الشرعية على الحكومات الباطلة الخارجة على الشريعة
د- سبوا المجاهدين وافتروا عليهم
ومن الحيل التي يسوقها هؤلاء دعواهم أن الجهاد حق وواجب وأنه طريق الخلاص ولكن ليس الآن وقته، فالمرحلة الآن مرحلة الإعداد، والمرحلة الآن مرحلة التفرغ للدعوة، إلى آخر هذه الدعاوى
ويجادلون عن هذه الشبهة جدالاً شديداً، ولكنهم يتهربون من السؤال المحرج الخطير: لماذا بعد كل هذه العقود من المذلة لم تعدوا شيئاً؟ ومتى سينتهى هذا الإعداد؟ ولا جواب عندهم لأن الإعداد عندهم لا نهاية لمدته قال الله تعالى: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة التوبة 46
وليتهم حتى أصلحوا عقائد الناس ، وبينوا لهم عقيدة التوحيد الصافية كما أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم، وكما نقلها السلف الصالح، ولكنهم -وللأسف- يبدون بعضها ويخفون كثيراً منها
فجل كلامهم في التوحيد ينصب على العامة والضعفاء، أما خروج الحكام الطواغيت عن الإسلام وموالاتهم لليهود والنصارى فلا يتطرقون إليه
ومن العجب أن بلاد الإسلام واقعة تحت النفوذ الأجنبي منذ عقود، وليس الوجود العسكري الاحتلالي الصليبي الحالي نتيجة مفاجأة أو انقلاب طارئ في السياسة الدولية، بل هو ثمرة سياسة مستمرة من التبعية للغرب تمتد لما يزيد عن مائة عام، ومع ذلك لم نسمع من هؤلاء عن هذه المصيبة شيئاً إلا نادراً وبإشارات عابرة وبعيدة
وتارة يشغبون بقولهم إن المجاهدين لا يقدرون المصالح والمفاسد، وأن ما جلبوه من المفاسد أكثر مما حققوه من المصالح، ولكنهم لا يجيبون على السؤال المحرج: حسناً، وما هو الأسلوب الجهادي الذي تقترحونه والذي يحقق المصالح ويتجنب المفاسد؟ والجواب عندهم هو: ترك الجهاد

وإذا سألتهم: لو فرضنا أن المجاهدين لم يقوموا بواجبهم، وانضموا إلى صفكم؛ صف القاعدين التاركين للجهاد تحت شتى المبررات، فهل كان أعداء الأمة سيتوقفون عن عدوانهم؟ وهل كان الفساد والإفساد سينحسر؟ وهل كان اليهود سيرحلون عن فلسطين؟ وهل كانت إسرائيل ستكف عن مخططها لتهويد فلسطين وهدم المسجد الأقصى والسعى لإقامة إسرائيل الكبرى؟ وهل كان العلمانيون سيكفون عن زيغهم وتضليلهم؟ وهل كان مروجو الفاحشة سيتوبون ويتعففون؟ وهل كان الطواغيت الحاكمون سيتركون كراسيهم ويفتحون أبواب السجون ويكفون جلاديهم عن تعذيب شعوبهم؟ وهل وهل وهل؟
ثم يضيفون إلى هذه الشبهات مزيداً من السحب والحجب، فيخاطبون الشباب بقولهم: لماذا لا تنشغلون بطلب العلم؟ لماذا لا تنشغلون بمحاورة الكفار ومجادلتهم؟ لماذا لا تنشغلون بإنشاء المدارس ورعاية الأيتام ومداواة المرضى؟ لماذا لا تنشغلون بالدعوة إلى العقيدة الصحيحة؟ وليتهم صدقوا في دعوتهم لتصحيح العقيدة وحقيقة دعوتهم هي: لماذا لاتنشغلون عن الجهاد؟؟
إنه مرض فقدان المناعة العقائدي الفكري، فلنحذره أشد الحذر، فإن عاقبته الضياع والخسران والذل والاستسلام
وحاصل دعوتهم تثبيط المجاهدين عن الجهاد، وإخلاء الميدان من الشباب المجاهد حتى يأمن الغزاة المعتدين من أية مقاومة أو تدافع، ولذلك فإن أعداء الإسلام ينظرون إليهم في رضا ويشيرون على حكوماتهم بإفساح المجال لهم
3- دعاة التصالح الموهوم:
والفئة الثالثة من الفئات المنحرفة عن منهج الولاء والبراء هي الفئة التي تدعو إلى التصالح مع الحكومات الخارجة على الشريعة لمقاومة أعداء الأمة
وملخص منطقهم : نتعاون مع اللص من أجل استعادة ما سرقه منا، ونتصالح مع الفاجر من أجل الحفاظ على الأعراض التي انتهكها، ولو طردوا قاعدتهم لقالوا: نتصالح مع اليهود والنصارى حتى نقنعهم بالخروج من بلادنا ويرحلوا في سلام عنا؟؟ ويطالبوننا بأن نكذب الواقع المشاهد ونصدق هذه الأوهام
وحاصل دعوة هؤلاء -أيضاً- هو كف المقاومة عن العدو الأساسي للأمة، وتسليم قياد المجاهدين إلى الخونة الذين يطفح تاريخهم بالجرائم ضد الإسلام، والذين لم يدافعوا عن فلسطين يوماً، ولم يألوا جهداً في الاعتراف بإسرائيل، وفتح بلادنا للقوات الصليبية
5- مجاهدو أمريكا:
والفئة الرابعة من الفئات المنحرفة عن عقيدة الولاء والبراء في هذا الزمان هم بعض الجماعات والقيادات المنتسبين للجهاد في أفغانستان، الذين والوا الأمريكان ومنهم من كان يشار إليه بالبنان، تحرسهم قوات حفظ السلام الدولية تحت علم الأمم المتحدة، وتحيط بهم القوات الأمريكية، وتظلهم القاذفات الأمريكية، وهم مسرورون على ما نالوه من فتات السلطة على أشلاء شعبهم ودماء المجاهدين!!

قال الله تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم، أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها، إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم، ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم، فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم، ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم، أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم، ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم، ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصادقين ونبلو أخباركم محمد 22- 31
بسم الله الرحمن الرحيم
الخاتمة
وفي ختام هذه الصفحات نود أن نؤكد على عدد من المعاني الخطيرة:
1- إن موالاة المؤمنين ومعاداة الكافرين ركن خطير في عقيدة المسلم، لا يتم إيمانه إلا به قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين المائدة 51
ومعاداة الكافرين التي هي ركن الإيمان بالله لا تتم إلا بالكفر بالطاغوت، قال تعالى: ومن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها والله سميع عليم البقرة 256، وقال تعالى: ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالاً بعيداً النساء 60، فلا بد لنا من مفاصلة الطواغيت وأعوانهم والتبرؤ منهم قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده الممتحنة 4
2- إن التفريط في هذا الركن الأساسي هو الثغرة التي ينفذ منها أعداء الإسلام للقضاء على الأمة المسلمة ولخداعها وتخديرها وتوريطها في الكوارث والمصائب قال الله تعالى: لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلى خبالاً ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم والله عليم بالظالمين التوبة 47
3- إن التفريط في هذا الركن الأساسي يؤدي إلى انحلال عقيدة المسلم، وانسلاخه منها قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين آل عمران 149

4- إننا أحوج ما نكون إلى التفريق بين أولياء الإسلام الذين يدافعون عنه، وبين أعدائه الذين يعتدون عليه، وبين المذبذبين الذين لا يعملون إلا لتحقيق مصالحهم بتوهين مقاومة الأمة وصرفها عن الميدان الحقيقي للمواجهة قال الله تعالى: وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون المنافقون 4، وقال أيضاً عز من قائل: مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً النساء 143
5- كيف يمكن لنا أن نقبل الدعوات الرامية إلى إخلاء الميدان أمام أعداء الأمة المسلمة؟ كيف يمكن أن نسكت عن سعيهم في حرمان المسلمين من حق مقاومة أعدائهم؟ وهو الحق الذي يمارسه كل البشر، كيف يمكن أن نسكت عن تثبيطهم والأمة تملك هذا المدد الهائل من الإمكانات والمجاهدين الصادقين؟ كيف يمكن أن نسمح لهذه الدعوات أن تسري بيننا وقد تعدى المجرمون علينا بكافة أنواع التعدي؟ ولم يرقبوا فينا حرمة ولا خلقاً ولا إلاً ولا ذمة؟
إن أي مسلم حريص على انتصار الإسلام لا يمكن أن يقبل أي نداء إلى إيقاف الجهاد أو تعطيله، أو صرف الأمة عنه، رغم وجود كل هذه الإمكانيات التي أشرنا إليها، وفي الوقت الذي ينهش أعداؤنا كل يوم في مقدساتنا وحرماتنا وثرواتنا قال الله تعالى: لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة وأولئك هم المعتدون التوبة 10 عن ابن عمر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم" رواه أحمد وأبو داود
6- ولا نكتفي –فقط- برفض أية دعوة لإيقاف الجهاد بل إننا ندعو الأمة بجميع طوائفها وشرائحها وفئاتها إلى الانضمام لقافلة الجهاد والسير في طريقه، والتنافس في القيام به والنكاية في أعدائها قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون، يغفر لكم ذنوبكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار ومساكن طيبة في جنات عدن ذلك الفوز العظيم، وأخرى تحبونها نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين الصف 10- 13
7- كما إننا نمد أيدينا لكل مسلم حريص على انتصار الإسلام حتى يشاركنا في خطة عمل -لإنقاذ الأمة من واقعها الأليم- ترتكز على البراءة من الطواغيت ومعاداة الكافرين وموالاة المؤمنين والجهاد في سبيل الله خطة عمل يتنافس فيها كل حريص على الإسلام على البذل والعطاء من أجل تحرير أراضي المسلمين وسيادة الإسلام في دياره ثم نشر دعوته بين العالمين
8- إننا نحذر أمتنا من السلبية والتغافل عن الأخطار الجاثمة فوق صدورنا، إن الآلة العسكرية الصليبية اليهودية تحتل القدس الشريف، وتجثم على بعد تسعين كيلومتراً من الحرم المكي، وتحاصر العالم الإسلامي بسلسلة من القواعد والجيوش والأساطيل وتدير عدوانها عبر شبكة من الحكام المستسلمين
ونحن لا نريد أن نعيش في كوكب آخر ونتصرف وكأن الخطر على بعد ألف سنة منا، إننا قد نفتح عيوننا -في أي صباح- لنجد الدبابات اليهودية التي تهدم البيوت في غزة وجنين تحاصرمنازلنا

إن الحملة على العراق لها ما بعدها، وإن قتل أبي علي الحارثي بالصواريخ الأمريكية في اليمن نذير لنا بأن النمط الإسرائيلي في قتل المجاهدين في فلسطين قد انتقل إلى العالم العربي، وكل منا قد يكون غداً هدفاً لصاروخ أمريكي، وأصبع الاتهام الأمريكي لن يفلت منه أي داعية مخلص أو كاتب شريف
إن علينا أن نتحرك وبسرعة، وكفى ما ضاع من أوقات
والشباب المسلم عليه ألا ينتظر إذناً من أحد، فإن جهاد الأمريكان واليهود وحلفائهم من المنافقين المرتدين قد صار فرضاً عينياً كما بينا، وعلى كل مجموعة من الشباب أن تحمل هم أمتها وتخطط لرد العدوان عنها علينا أن نشعل أرضنا ناراً تحت أقدام الغزاة فلن يرحلوا بغير ذلك
9- وختاماً ندعو أمتنا المسلمة وخاصة شبابها المجاهد إلى الصبر واليقين، الصبر على القيام بأعباء الدين وخاصة ذروة سنامه؛ الجهاد في سبيل الله، قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون آل عمران 200، واليقين بوعد الله سبحانه، قال الله تعالى: كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز المجادلة 21 أخرج مسلم عن عقبة بن عامر –رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك"
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله علي سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
أيمن الظواهري
شوال 1423هـ ديسمبر 2002