أخي المسلم في كل مكان وفي جزيرة العرب خاصة:
إن الأموال التي تدفعها ثمناً للبضائع الأمريكية تتحول إلى رصاصات في صدور إخواننا في فلسطين، وغداً في صدور أبناء بلاد الحرمين.
إننا بشراء بضائعهم نقوي اقتصادهم، بينما نزداد نحن فقراً وضنكاً.
أخي المسلم في بلاد الحرمين:
هل يُعقل أن تكون بلادنا أكبر مُشتري للسلاح في العالم من أمريكا، كما أنها أكبر شريك تجاري للأمريكان في المنطقة، الذين يحتلون بلاد الحرمين، ويساندون بالمال والسلاح والرجال إخوانهم اليهود في احتلال فلسطين، وقتل وتشريد المسلمين هناك؟!!!
إن حرمان هؤلاء المحتلين من العوائد الضخمة لتجارتهم معنا، إنما هو مساعدة هامة جداً في الجهاد ضدهم، وهو تعبيرٌ معنويٌ هام في إظهار غضبنا عليهم وكرهنا لهم، ونكون بذلك قد ساهمنا في تطهير مقدساتنا من اليهود والنصارى، وأرغمناهم على مغادرة أراضينا مهزومين مدحورين، مخذولين بإذن الله.
وننتظر من النساء في بلاد الحرمين وغيرها أن يقمن بدورهنّ في ذلك بمقاطعة البضائع الأمريكية.
وإذا تضافرت المقاطعة الاقتصادية مع الضربات العسكرية للمجاهدين، فإن هزيمة العدو تكون قريبة بإذن الله، والعكس صحيح .. فإذا لم يتعاون المسلمون مع إخوانهم المجاهدين ويشدوا من أزرهم بقطع التعامل الاقتصادي مع العدو الأمريكي، فإنهم بذلك يدفعون إليه بالأموال التي هي عماد الحرب وحياة الجيوش، وبذلك يطول أمد الحرب، وتشتد الوطأة على المسلمين.
إن كل أجهزة الأمن والاستخبارات في العالم لا يمكنها أن ترغم مواطناً على شراء بضائع أعدائه.
فالمقاطعة الاقتصادية لبضائع العدو الأمريكي هي سلاح فعّال للغاية لإضعاف العدو والإضرار به، ومع ذلك فهو سلاح لا يقع تحت طائلة أجهزة القمع.
وقبل الختام لنا حديثٌ هامٌ، وهامٌ جداً مع شباب الإسلام، رجال المستقبل المشرق لأمة محمد عليه الصلاة والسلام، حديثنا مع الشباب عن واجبهم في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ أمتنا، هذه المرحلة التي لم يتقدم فيها لأداء الواجبات في جميع الاتجاهات إلا الشباب حفظهم الله، فبعد أن تردد بعض الذين يُشار إليهم بالبنان عن أداء الواجب للذود عن الإسلام، ولإنقاذ أنفسهم وأموالهم من الظلم والبغي والقمع والإرهاب الذي تمارسه الدولة، مع استخدام الإعلام لتغييب وعي الأمة، تقدم الشباب حفظهم الله لرفع راية الجهاد عالية خفاقة ضد التحالف الأمريكي اليهودي الذي احتل مقدسات الإسلام -في الوقت الذي تقدم غيرهم؛ نتيجة لإرهاب الدولة لهم، أو من زلت أقدامهم طمعاً في دنيا فانية، تقدموا ليضفوا الشرعية على هذه الخيانة العظمى والمصيبة الكبرى على احتلال بلاد الحرمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله- ولا غرو ولا عجب من هذا الإقدام، وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شباباً، وهؤلاء الشباب هم خير خلف لخير سلف، وهل قتل فرعون هذه الأمة أبا جهل إلا الشباب؟
يقول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: إني لفي الصف يوم بدر، إذ التفت فإذا عن يميني وعن يساري فَتَيان حديثا السن، فكأني لم ءامن بمكانهما، إذ قال لي أحدهما سراً من صاحبه: يا عم أرني أبا جهل، فقلت: فما تصنع به، قال: أُخبرتُ أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منّا، فتعجبتُ لذلك، قال : وغمزني الآخر فقال لي مثلها، فلم أنشب أن نظرتُ إلى أبي جهل يجول في الناس، فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألاني عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما، فضرباه حتى قتلاه.
الله أكبر .. هكذا كانت همم الفتيان رضي الله عنهم، وهكذا كانت همم ءابائنا، فهذان فَتَيان صغيرا السن كبيرا الهمة والجرأة والعقل والغيرة على دين الله، يسأل كل واحد منهما عن أهم مقتل للعدو ألا وهو قتل فرعون هذه الأمة وقائد المشركين في بدر أبي جهل، وكان دور عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه هو دلالتهما على أبي جهل، وهذا هو الدور المطلوب من أهل المعرفة والخبرة بمقاتل العدو، بأن يرشدوا أبناءهم وإخوانهم إليها، وبعد ذلك سيقول الشباب كما قال سلفهم: "والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منّا".

وفي قصة عبد الرحمن بن عوف مع أمية بن خلف يظهر مدى إصرار بلال رضي الله عنه على قتل رأس الكفر، حيث قال: "رأس الكفر أمية بن خلف .. لا نجوت إن نجا".
وقبل أيام .. نقلت وكالات الأنباء تصريحاً لوزير الدفاع الأمريكي الصليبي المحتل، قال فيه إنه تعلم درساً واحداً من انفجاري الرياض والخبر، وهذا الدرس هو عدم الانسحاب أمام الإرهابيين الجبناء.
فنقول لوزير الدفاع إن هذا الكلام يضحك الثكلى التي مات وحيدها، وظاهر منه حجم الخوف الذي يعتريكم، فأين هذه الشجاعة الزائفة في بيروت بعد حوادث التفجير عام 1403هـ الموافق لعام 1983م والتي جعلتكم شذر مذر وقطعاً وأشلاءً بمقتل 241 جندياً أغلبهم من المارينز، وأين هذه الشجاعة الزائفة في عدن بعد حادثي انفجار جعلاكم تخرجون لا تلوون على شيء في أقل من أربع وعشرين ساعة .
ولكن فضيحتكم الكبرى كانت في الصومال، فبعد ضجيج إعلامي عنيفٍ لعدة أشهر عن قوة أمريكا بعد الحرب الباردة، وتزعمها للنظام العالمي الجديد، دفعتم بعشرات الألوف من القوات الدولية منها ثمانية وعشرون ألف جندي أمريكي إلى الصومال.
ولكن بعد معارك صغيرة، قُتل فيها بضع عشرات من جنودكم، وسُحِلَ طيار أمريكي في أحد شوارع مقديشو، خرجتم منها مهزومين مدحورين تحملون قتلاكم، وتجرون أذيال الخيبة والخسران والهوان، ولقد ظهر كلينتون أمام العالم يتهدد ويتوعد بأنه سينتقم، بينما كان ذلك التهديد تمهيداً للإنسحاب، وقد أخزاكم الله وانسحبتم، وظهر جلياً مدى عجزكم وضعفكم، ولقد كان منظركم وأنتم تنهزمون في هذه المدن الإسلامية الثلاث بيروت وعدن ومقديشو، يدخل السرور على قلب كل مسلم، ويشفي صدور قومٍ مؤمنين.
وأقول: لئن كان أبناء بلاد الحرمين قد خرجوا لقتال الروس في أفغانستان والصرب في البوسنة والهرسك، وهم يجاهدون اليوم في الشيشان وقد فتح الله عليهم ونصرهم على الروس المتحالفين معكم، ويقاتلون بفضل الله أيضاً في طاجكستان .. أقول: "لئن كان أبناء الحرمين عندهم شعورٌ وإيمانٌ بضرورة الجهاد ضد الكفر في كل مكان، فهم أكثر ما يكونون عدداً وقوةً وحماسةً على أرضهم التي ولدوا عليها للدفاع عن أعظم مقدساتهم - الكعبة المشرفة، قبلة المسلمين أجمعين- ويعلمون أن المسلمين في العالم أجمع، سينصرونهم ويؤازرونهم في قضيتهم الكبرى، قضية كل المسلمين، ألا وهي تحرير مقدساتهم، وأن هذا هو واجبُ كل مسلم في العالم".
وأقول لك يا وليام: "إن هؤلاء الشباب يحبون الموت كما تحبون الحياة، وقد ورثوا العزة والإباء والشجاعة والكرم والصدق والإقدام والتضحية كابراً عن كابر، وإنهم لصبرٌ في الحرب صدقٌ عند اللقاء، وقد ورثوا هذه الصفات عن أجدادهم في الجاهلية وجاء الإسلام فأقر تلك الأخلاق وكملها"، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما بُعثت لأتمم صالحَ الأخلاق) صحيح الجامع الصغير، وعندما أراد الملك عمرو بن هند أن يذلّ عمرو بن كلثوم أخذ عمرو بن كلثوم السيف وقطع رأس الملك، رافضاً للذل والهوان والضيم، وأنشد قصيدة منها :

إذا ما المَلْكُ سَامَ الناسَ خسفا أبينا أن نُقِرَّ الذلَ فينا
بأي مشيئة عمرو بنَ هندٍ تريدُ بأن نكون الأرذلينا
بأي مشيئة عمرو بنَ هندٍ تطيعُ بنا الوُشَاةَ وتزدْرينا
فإن قناتنا يا عمرو أعيت على الأعداء قبلك أن تلينا
هؤلاء الشباب يؤمنون بالجنة بعد الموت، ويؤمنون بأن الأجل لا يقدمه إقدامهم على القتال ولا يؤخره تأخرهم، كما قال تعالى: {وما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله كتاباً مؤجلاً..} الآية ءال عمران:145، ويؤمنون بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رُفعت الأقلام وجفت الصحف) صحيح الجامع الصغير.
ويتمثلون قول الشاعر :
إذا لم يكن من الموت بدٌ فمن العجز أن تموت جباناً
وقول الآخر :
من لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحدُ
هؤلاء الشباب يؤمنون بما أخبر الله به ورسولُه صلى الله عليه وسلم عن عظيم أجر المجاهد والشهيد، حيث يقول الله عز وجل: {والذين قُتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم، سيهديهم ويُصلح بالهم، ويُدخلهم الجنة عرفها لهم} محمد :4-6، ويقول تعالى أيضاً: {ولا تقولوا لمن يُقتل في سبيل الله أموات، بل أحياء ولكن لا تشعرون} البقرة:154، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماءِ والأرض) صحيح الجامع الصغير، ويقول أيضاً: (أفضل الشهداء الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يُقتلوا، أولئك يتَلبطون في الغرف العلا من الجنة، ويضحك إليهم ربك، وإذا ضحك ربك إلى عبدٍ في الدنيا فلا حساب عليه) أخرجه أحمد بسندٍ صحيح، ويقول أيضاً: (الشهيد لا يجد ألم القتل إلا كما يجد أحدكم مسّ القرصة) صحيح الجامع الصغير، ويقول أيضاً: (إن للشهيد عند الله خصالاً: أن يُغْفَرَ له من أول دفعة من دمه، ويُرى مقعده من الجنة، ويُحلى حلية الإيمان، ويُزوج من الحور العين، ويُجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خيرٌ من الدنيا وما فيها، ويُزوج اثنتين وسبعين من الحور العين، ويُشفع في سبعين إنساناً من أقاربه) أخرجه أحمد والترمذي بسندٍ صحيح.

هؤلاء الشباب يعلمون أن أجرهم في قتالكم مضاعفٌ عن أجرهم في قتالِ غيركم من غير أهل الكتاب، ولا همّ لهم إلا دخول الجنة بقتلكم، لا يجتمع الكافرُ وقاتلُه في النار.
وهم يرددون ويرتلون قوله تعالى: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفِ صدور قومٍ مؤمنين} التوبة:14. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحرض المسلمين في بدر (والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يقاتلهم اليوم رجلٌ فيُقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة)، وقوله لهم بعد ذلك: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض).
وهم يرتلون أيضاً قوله تعالى: {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب…} الآية محمد :4. وهؤلاء الشباب لا يحبون الكلام معكم، والعتاب لكم، لسانُ كل واحدٍ منهم يقول لكم:
ليس بيني وبينكم من عتابِ سوى طعن الكلى وضرب الرقابِ
وهم يقولون لك ما قال جدهم أمير المؤمنين هارون الرشيد لجدك نقفور عندما تهدد وتوعد المسلمين في رسالته إلى هارون الرشيد، فرد عليه هارون الرشيد برسالته التي جاء فيها "من هارون الرشيد أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، الجواب ما ترى لا ما تسمع"، ثم سار بجيوش الإسلام إلى ملاقاة نقفور وجيشه، فهزم الله نقفور هزيمة منكرة.
فهؤلاء الشباب الذين تقول عنهم إنهم جبناء، يقولون لك: "لا يُقَعْقَعُ لنا بالشِّنان ولا يُلَوَّحُ لنا بالسِّنان، والجواب ما ترى لا ما تسمع" فهم يتنافسون على قتلكم وقتالكم، كتنافس الأوس والخزرج في قتال المشركين، وقد قال أحدهم :
جيش الصليب غدا هباءً يوم فجرنا الخُبَر
بشبابِ إسلامٍ كُمَاة لا يهابون الخطر
إن قِيلَ يقتلكَ الطُغاةُ يقول في قتلي ظَفَرْ
أنا ما غدرت بذا المليكِ إذ بقبلتنا غَدَرْ
وأباحَ ذا البلدَ الحرامَ لشرِ أنجاسِ البشر
أقسمت بالله العظيم بأن أقاتلَ من كَفَر
وهم قد حملوا السلاح على أكتافهم عشر سنوات في أفغانستان، وهم قد عاهدوا الله على أن يستمروا في حمله ضدكم حتى تخرجوا خائبين مهزومين مدحورين -بإذن الله- ما دام فيهم عرقٌ ينبضٌ أو عينٌ تطرف، ولسان حالهم يقول :

غداً ستعلم يا وليام أي فتىً يلقى أخاك الذي قد غرَّه العصبُ
فتىً يخوض غمار الحرب مبتسماً وينثني وسنان الرمح مُختضبُ
لا أبعد الله عن عيني غطارفةً إنسا إذا نزلوا جناً إذا ركبوا
ليوثُ غابٍ لكن نيوبَ لهم إلا الأسنة والهندية القضبُ
والخيل تشهد لي أني أكفكفها والطعن مثل شرار النار يلتهبُ
والنقع يوم طراد الخيل يشهد لي والطعن والضرب والأقلام والكتبُ
وإن شَتْمَك أحفاد الصحابة رضي الله عنهم بوصفهم بالجبن، وتحديك لهم بعدم الخروج من بلاد الحرمين، فيه عدم اتزان، وتظاهر بالجنون دواؤه عند شباب الإسلام، حيث يُقال فيهم :
فدت نفسي وما ملكت يميني فوارس صدَّقوا فيهم ظنوني
فوارس لا يملون المنايا وإن دارت رحى الحرب الزَبُونِ
وإن حمي الوطيس فلا يبالوا وداوَوْا بالجنونِ من الجنونِ
وإن إرهابنا لكم وأنتم تحملون السلاح على أرضنا هو أمرٌ واجبٌ شرعاً ومطلوبٌ عقلاً، وهو حقٌ مشروعٌ في أعراف جميع البشر، بل والكائنات الحية، ومثلكم ومثلنا كمثل أفعى دخلت دار رجلٍ فقتلها، وإن الجبان من يترككم تمشون على أرضه بسلاحكم ءامنين مطمئنين.
وهؤلاء الشباب يختلفون عن جنودكم، فمشكلتكم هي كيفية إقناع جنودكم بالإقدامِ إلى الحرب، أما مشكلتنا فهي كيفية إقناع شبابنا بانتظار دورهم في العمليات والقتال.
فلله درُ هؤلاء الشباب، فهم أهلٌ للمدح والثناء، حيث وقفوا لنصرة الدين يوم أضلت الدولة كبار الناس، واستزلتهم لإصدار فتاوى ليس لها سندٌ في كتاب الله، ولا في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم بتسليم اليهود المسجد الأقصى وإباحة بلاد الحرمين لجيوش النصارى، وإن لَيَّ أعناق النصوص لن يغير من هذه الحقيقة شيئاً، ففيهم -أي في ذَمِ القاعدين- وفي مدح المجاهدين يقول الشاعر :
كفرت بكل من عذلوا وعن درب الهدى عدلوا
ومن بِنَديِّهِمْ والنار تزحف يكثر الجدلُ
ومن بالوهم رغم التِيه ظنوا أنهم وصلوا
وأكبرتُ الذين مضوا وعما شقَّ ما سألوا
وعن غاياتهم رغم اعتساف الدرب ما نكلوا
ومن دمهم أُضيئت في دياجي الحَيْرَةِ الشُّعَلُ
أنا ما زال جرح القدس في جَنْبَيَّ يعتملُ
وَوَقْدَ مُصَابِهَا كالنار في الأحشاء يشتعلُ
أنا ما خنتُ عهد اللهِ لمّا خانت الدولُ

وقد قال جدهم عاصم بن ثابت رضي الله عنه عندما طلب منه الكفار المفاوضة وعدم القتال:
ما علَّتِي وأنا جَلْدٌ نابلُ والقوس فيها وَتَرٌ عنابلُ
الموت حقٌ والحياةُ باطلُ إن لم أقاتلكم فأمي هابلُ
وإن الشباب يعتبرونكم مسؤولين عن كل ما يقوم به إخوانكم اليهود في فلسطين ولبنان من قتلٍ وتشريدٍ وانتهاكٍ لحرمات المسلمين، حيث إنكم تمدونهم بالمال والسلاح جهاراً نهاراً، وإن أطفال العراق والذين قد مات منهم أكثر من ستمائة ألف بسبب نقص الغذاء والدواء نتيجة حصاركم الظالم على العراق وشعبه هم أطفالنا، فأنتم تتحملون بذلك مع النظام السعودي دماء هؤلاء الأبرياء، كل ذلك يجعل كل عهد لكم معنا منقوضاً، فإن رسول الله عليه الصلاة والسلام اعتبر صلح الحديبية لاغياً بعد أن ساعدت قريشٌ بني بكرٍ على خزاعة حلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقاتل قريشاً وفتح مكة، وقد اعتُبِرَ العهدُ مع بني قينقاع منقوضاً؛ لأن يهودياً منهم ءاذى امرأة في السوق، فكيف بقتلكم مئات الألوف من المسلمين، واستباحتكم لمقدساتهم، وبذلك يظهر أن الذين يزعمون أن دماء جنود هذا العدو الأمريكي المحتل لبلاد المسلمين معصومة، إنما يرددون مُكرهين ما يمليه النظام عليهم خوفاً من بطشه وطمعاً في السلامة، والواجب على كل قبيلة في جزيرة العرب أن تجاهد في سبيل الله وتطهر أرضها من هؤلاء المحتلين، وعَلِمَ اللهُ أن دماءهم مهدورة وأموالهم غنيمة، ومن قتل قتيلاً فله سَلَبُه. وقد قال تعالى في ءاية السيف: {فإذا انسلخ الأشهر الحُرُم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد…} الآية التوبة :5، والشباب يعلمون أن هذه المهانة التي لحقت بالمسلمين باحتلال مقدساتهم لا تزول ولا تدك بغير الجهاد والمتفجرات، وهم يرددون قول الشاعر :
جُدُرُ المذلة لا تُدَك بغير زخات الرصاصِ
والحر لا يُلْقِى القيادَ لكل كَفَّارٍ وعاصي
وبغير نَضْحِ الدم لا يُمْحَى الهوانُ من النواصي
وأقول لشباب العالم الإسلامي الذين جاهدوا في أفغانستان والبوسنة والهرسك بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم وأقلامهم، بأن المعركة لم تنتهِ بعد، وأذكرهم بحديث جبريل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد غزوة الأحزاب (فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة لم يكن إلا أن وضع سلاحه، فجاءه جبريل، فقال: أوضعت السلاح؟ والله إن الملائكة لم تضع أسلحتها بعد، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائرٌ أمامك أُزلزلُ بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فسار جبريل في موكبه من الملائكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم على أثره في موكبه من المهاجرين والأنصار…} رواه البخاري.

وهؤلاء الشباب يعلمون أن من لم يُقتلَ يموت، وإن أشرف ميتة عندنا هي القتل في سبيل الله، ويرددون قول جدهم الصحابي الجليل عبدالله بن رواحة رضي الله عنه وخاصة بعدما قُتْلِ الأبطال الأربعة الذين فجروا الأمريكيين في الرياض، أولئك الشباب الذين رفعوا رأس الأمة شامخاً، وأذلوا أعداءها من الأمريكيين المحتلين بعمليتهم الشجاعة تلك:
يا نفسُ إلا تُقْتَلي تموتي هَذي حِيَاضُ الموتِ قد صُلِيْتِ
وما تمنيتِ فقد أُعطِيتِ إن تفعلي فعلَهما فقد هُديِتِ
وقول جعفر رضي الله عنه:-
يا حبذا الجنة واقترابها طيِّبةٌ وباردٌ شرابها
والرومُ رومٌ قد دنا عذابها عليّ إن لاقيتها ضِرَابُهَا
وأما عن أمهاتنا وأخواتنا ونسائنا وبناتنا فهن يتخذنّ من الصحابيات الجليلات رضي الله عنهنّ قدوة لهنّ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقتبسن من سيرتهنّ الجرأة والتضحية والإنفاق لنصرة دين الله عز وجل، ويتذكرنّ جرأة وصلابة فاطمة بنت الخطاب رضي الله عنها في الحق أمام أخيها عمر بن الخطاب قبل أن يُسلم، وتحديها له بعدما علم بإسلامها بقولها له: "أرأيت إن كان الحق في غير دينك يا عمر" ويتذكرن موقف أسماء بنت أبي بكر يوم الهجرة، حيث شقّت طاقها نصفين وعلقت بأحدهما السفرة التي أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معهما في رحلتهما إلى المدينة، وسُميت بذلك ذات النطاقين، ويتذكرنّ موقف نسيبة بنت كعب وهي تدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أُحد حتى أصابها اثنا عشر جرحاً بينها جرحٌ أجوفٌ في عاتقها، ويتذكرنّ بذل الصحابيات وإنفاقهنّ لحليهنّ لتجهيز جيوش المسلمين الغازية في سبيل الله، وقد ضربت نساؤنا في هذا العصر مثلاً رائعاً في الانفاق في سبيل الله، وفي تحريض أبنائهنّ وإخوانهنّ وأزواجهنّ على الجهاد في سبيل الله، وذلك في أفغانستان وفي البوسنة والهرسك والشيشان…وغيرها. فنسأل الله أن يتقبل منهنّ ويفرج عن أبنائهنّ وءابائهنّ وأزواجهنّ وإخوانهنّ، وأن يزيدهنّ إيماناً ويثبتهنّ على هذا الطريق، طريق التضحية والفداء لتكون كلمة الله هي العليا.
وإن نساءنا لا يرثين إلا الرجال المقاتلين في سبيل الله، كما قيل:
ولا تَرْثِيْنَ إلا لَيثَ غَاب شجاعاً في الحروب الثائراتِ
دعوني في الحروبِ أمت عزيزاً فموت العز خيرٌ من حياتي
وهنّ يحرضنّ إخوانهنّ على الجهاد في سبيل الله متمثلاتٍ قول الشاعر:
تَأَهَّبْ مثل أُهْبةَ ذي كفاح فإن الأمر جَلَّ عن التَلاحي
أتتركنا وقد كَثرت علينا ذئاب الكفر تأكل من جناحي
ذئاب الكفر ما فتئَت تُؤَلِّبْ بني الأشرار من شتَّى البِطاح
فأين الحر من أبناء ديني يذود عن الحَرائر بالسلاح
وخير من حياة الذل موتٌ وبعض العار لا يمحوه ماحِ

إخواننا المسلمين في العالم أجمع :
إن إخوانكم في بلاد الحرمين وفلسطين يستنصرونكم، ويطلبون منكم مشاركتهم في جهادهم ضد أعدائهم وأعدائكم من الإسرائيليين والأمريكيين بالنكاية فيهم بكل ما من شأنه أن يخرجهم مهزومين مدحورين من المقدسات الإسلامية، كلٌ بحسب استطاعته، قال تعالى: {وإن استنصروكم في الدين فعليكم النصر…} الآية الأنفال:72.
فيا خيل الله اركبي .. وهذا أوان الشّدِّ فاشتدُّوا، اعلموا أن اجتماعكم وتعاونكم من أجل تحرير مقدسات الإسلام هو خطوة صحيحة نحو توحيد كلمة الأمة تحت راية كلمة التوحيد.
ولا يسعنا ونحن في هذا المقام إلا أن نرفع أكف الضراعة، سائلين المولى عز وجل أن يرزقنا السداد والتوفيق في الأمر كله.
اللهم إن علماء الإسلام الصادقين، وشباب الأمة الصالحين قد وقعوا في الأسر، اللهم فرج عنهم، اللهم ثبتهم، اللهم اخلفهم في أهلهم بخير.
اللهم إن أهل الصليب قد جاءوا بخيلهم ورجلهم، واستباحوا بلاد الحرمين، وإن اليهود يعيثون فساداً في المسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم شتت شملهم، وفرق جمعهم، وامنحنا اللهم أكتافهم، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم إنّا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
اللهم أرنا فيهم يوماً أسوداً، اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك.
اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم.
اللهم أنت عضدنا، وأنت نصيرنا، بك نجول، وبك نصول، وبك نقاتل، حسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم هؤلاء الشباب قد اجتمعوا لنصرة دينك ورفع رايتك، اللهم أمدهم بمددٍ من عندك واربط على قلوبهم. اللهم ثبت شباب الإسلام، وسدد رميهم، اللهم ألف بين قلوب المسلمين، ووحد بين صفوفهم، ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا، ربنا ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به، واعف عنّا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يُعَزُ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُ فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر.
وصلِ اللهم على عبدك ورسولك محمد وعلى ءاله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
|